أعياد النوم والحب والأم والعمال

الإنسان يقضي ثلث عمره في النوم، إلا أن الإحصائيات شبه الرسمية تؤكد بالمقابل أن معدلات ساعات العمل في معظم بلداننا العربية لا تتجاوز ساعتين يوميا أي 20 بالمئة فقط.
السبت 2019/03/23
فوائد نبيلة للنوم

"يا قوم لا تتكلّموا.. إن الكلام محرمُ/ ناموا ولا تستيقظوا.. ما فاز إلا النُوَّمُ”.

تذكرت أبيات الشعر أعلاه، وأنا أقرأ لأول مرة عن أنه كان هناك يوم عالمي لـ”النوم”، تم اعتماده رسميا منذ العام 2008 من قبل الرابطة العالمية للنوم، كحدث سنوي للاحتفال به في الجمعة الثالثة من شهر مارس كل عام. وتساءلت: كيف لشعوب عالمنا العربي أن تفوّت مثل هذه الفرصة التاريخية لتحصد يوما إضافيا لعطلاتها المعروفة، تستنسخ فيه من رصيدها “النائم” نوماً إضافياً!

صحيح أن فكرة الاحتفال “النبيلة” تهدف بالأساس إلى التذكير بفوائد النوم الجيّد والصحي، ولشدّ انتباه الناس إلى مشاكل اضطرابات النوم على صحتهم، وتعليمهم، وحياتهم الاجتماعية، للدرجة التي طالبت فيها الأخصائية في علم النوم كيرستي كاليفا، أصحاب العمل، بالسماح للعاملين بأخذ قسط من الراحة بعد وجبة الغداء أثناء فترة العمل، ليزداد تعجّبي. إذ كيف لدول العالم أن تدعو شعوبها إلى المزيد من الاستغراق في النوم والراحة ـ حتى في أوقات العمل ـ بينما نحن في عالمنا العربي نبحث عمن يوقظنا مبكرا أو على الأقل يستصرخ ضمائرنا لنعمل أكثر؟

وإذا كانت المعدلات الطبيعية تشير إلى أن الإنسان يقضي ثلث عمره في النوم، إلا أن الإحصائيات شبه الرسمية تؤكد بالمقابل أن معدلات ساعات العمل في معظم بلداننا العربية لا تتجاوز ساعتين يوميا أي 20 بالمئة فقط، أما في شهر رمضان فحدّث ولا حرج.. بحجة “الفريضة الإلهية” إن لم يكن “التزويغ” هو الحل.. فلا عمل على الإطلاق بذريعة الصيام.. وهكذا، مع أننا دائما ما نردد أن “العمل عبادة”.. بينما في دول قد لا تعرف الله مثل كوريا واليابان تناشد الحكومات والبرلمانات مواطنيها بتقليل الحد الأقصى لساعات العمل الأسبوعية، لتعزيز الإنتاجية، وتشجيع الموظفين على ممارسة حياتهم الطبيعية و”زيادة المواليد”!

زيادة المواليد تلك، دعت الرئيس الراحل أنور السادات قبل عقود، إلى إقرار إغلاق المحلات بعد التاسعة مساء للحدِّ من استهلاك الكهرباء، لتكون النتيجة خلال أقل من عام زيادة رهيبة في المواليد الجدد. إذ اكتشفت الحكومة أن الرجال والنساء استثمروا أوقات فراغهم في ما يتجاوز زيادة “الأحمال”.

بالمرَّة ـ وكما قال البعض ساخراـ لماذا لا نراعي الظروف الاقتصادية “المهبّبة” التي تمر بها البلاد، وندمج أعياد النوم والحب والأم مع عيد العمال لتصبح عيدا واحدا تحت اسم “عيد حب نوم أم العمال” وتكون هديته قلب أحمر، مع مفتاح إنكليزي 14، وأغنيته الرسمية “ست الحدايد يا حديدة”!

24