أعضاء مصغرة لتحسين معالجة المرضى.. ثورة طبية جديدة

الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات شكلت نقطة تحول في تاريخ علم الأحياء البشري ما سمح بإجراء الكثير من الأبحاث الجديدة.
السبت 2022/10/15
أعضاء مصغرة لفهم الأمراض بشكل أفضل ومعالجتها

باريس - تطوير أعضاء مصغرة أشبه بتجسيدات رمزية للبنكرياس أو المثانة، بهدف فهم ومعالجة الأمراض بشكل أفضل؛ هذه الغاية قد تبدو من عالم الروايات، لكنها حقيقية إلى أبعد الحدود وتخضع للدرس من جانب فريق من الباحثين من مختلف أنحاء العالم.

في معهد باستور بباريس ينكبّ فريق الباحثة ميريا ريكيتي، رئيسة الآليات الجزيئية في مختبر الشيخوخة المرضية، على محاولة إنتاج أدمغة صغيرة أو بمعنى أدق عضويات الدماغ. ومنذ أن بدأت البحوث في نهاية عام 2020 ظهرت الآلاف من هذه العضويات، ولا تزال مئات منها على قيد الحياة في التخمير الحيوي.

بالعين المجردة يبدو ذلك في شكل كرات بيضاء صغيرة جدا ومحفوظة في حرارة تبلغ 37 درجة مئوية ضمن علب بيتري، تُحفظ بدورها وفق حركة ثابتة تتيح نقل المغذيات اللازمة وتفادي تجمّع إحدى العضويات مع نظيرتها.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه بعد إخصاب البويضة في الطبيعة، يظهر بسرعة ما يسمى بـ"الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات"، والتي لديها القدرة على إنتاج جميع أنواع الخلايا في جسم الإنسان (خلايا عصبية أو جلدية أو غير ذلك).

ورغم ذلك نجح الباحث الياباني شينيا ياماناكا (المتحصّل على جائزة نوبل للطب عام 2012) قبل أقل من عشرين عاما، في تطوير طريقة تجعل من الممكن إعادة برمجة الخلايا البالغة المتخصصة في المختبر (الكبد والخلايا العصبية وما إلى ذلك)، بحيث يمكنها مرة أخرى إنتاج جميع أنواع الخلايا.

◙ العضويات تعمل على تغيير الطريقة التي تُدرس بها الخلايا فيما تُجرى معظم الأبحاث حاليا على خلايا ثنائية الأبعاد

وشكلت هذه الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات والتي تسمى اختصارا "أي بي أس"، نقطة تحول في تاريخ علم الأحياء البشري، ما سمح بإجراء الكثير من الأبحاث الجديدة.

ومن الخلايا الجذعية المستحثة على وجه التحديد يعمل فريق معهد باستور، بناءً على بروتوكولات طورتها مختبرات مختلفة، على توليد أشباه عضويات في الدماغ، ما يتيح الحصول في غضون بضعة أشهر على خلايا منظمة بحجم ثلاثة أو أربعة ملّيمترات.

وتقول ميريا ريكيتي "إنه شيء أبسط بكثير من القشرة المخية البشرية، لكن هذه العضويات تتكون من أنواع مختلفة من الخلايا، تتفاعل مع بعضها البعض، وتشكل طبقات تتمركز بشكل صحيح".

وفي المجمل يعطي ذلك "بنية ثلاثية الأبعاد، قريبة جدا من دماغ كائن بشري يبلغ من العمر عشرين أسبوعا". ويشكل ذلك أحد مفاتيح فهم الفائدة من هذه التكنولوجيا الثورية، فالعضويات تعمل على تغيير الطريقة التي تُدرس بها الخلايا، فيما تُجرى معظم الأبحاث حاليا على خلايا ثنائية الأبعاد.

ومع ذلك لا يمكن دائما فهم تعقيد علم الأحياء البشري في بعدين وبنوع واحد من الخلايا. ويؤكد الباحث في معهد باستور "ستعمل بعض الأدوية على الخلايا ثنائية الأبعاد. ثم ندرك أنها لا تعمل على الخلايا ثلاثية الأبعاد".

لذلك فإن استخدام هذه الأعضاء المصغرة يوفر إمكانيات جديدة من شأنها أن تؤدي إلى فهم أفضل لمراحل المرض والجزيء الدوائي وعمله . ويتوافق هذا أيضا مع الرغبة في التقليل من استخدام التجارب على الحيوانات. وبالنسبة إلى  فريق ميريا ريكيتي تُمكّن هذه العضويات من دراسة حمل دماغ بشري مريض. وقد يدعم ذلك إمكانية العمل على جميع أنواع الأمراض التنكسية.

ابتكارات مفيدة لعلاج أمراض مستعصية
ابتكارات مفيدة لعلاج أمراض مستعصية 

17