أعراس جماعية أم زواج بالإكراه لصبايا ويافعات مسلمات في نيجيريا

لاغوس (نيجيريا) - اشتعل جدل ساخن عن زواج القصر وتعليم الفتيات إثر خطة لتزويج 100 فتاة وشابة نيجيرية في حفل زفاف جماعي ترعاه الدولة. وانطلقت الجهود في اللحظة الأخيرة لحظر الحفل المخطط له يوم الجمعة (أمس).
وقالت وزيرة المرأة النيجيرية، التي تقود حملة لتأجيل حفل الزفاف، لمؤسسة تومسون رويترز إنها قدمت أمرا قضائيا لوقفه. وأكدت أوجو كينيدي أوهانيني أن حفل الزفاف ينتهك قوانين حقوق الطفل في نيجيريا وقانون حظر العنف الذي يجرم تزويج النساء والفتيات قسرا.
وصرّحت الوزيرة في مقابلة “يمس هذا الزواج بحقوق الفتيات والنساء، هذه الحقوق التي تدخل في صميم مهامي، وقد اتخذت إجراءات لمنعه”.
ويُعتقد أن العديد من الفتيات المقرر تزويجهن في الحفل لم يتجاوزن السن القانونية. وأثار هذا انتقادات حادة من المدافعين عن حقوق الإنسان.
وانتشر خبر حفل الزفاف حين أعلن عبدالملك ساركينداج، نائب رئيس برلمان الولاية في النيجر ذات الأغلبية المسلمة، عن خطط لرعاية الحفل ودفع المهور. وقال إن آباء الفتيات قتلوا في هجمات شنها قطاع طرق وعصابات خطف روعت قرى وبلدات في ولايته المحافظة في شمال نيجيريا.
ودافع العديد من رجال الدين المسلمين عن الزواج باعتباره عملا خيريا للأيتام، بينما قال منتقدون إنه يتعارض مع التزام نيجيريا بحماية حقوق الأطفال والنساء.
وسحب ساركينداج عرضه لاستضافة الحفل بعد أن ووجه الحدث بعرائض من جماعات حقوقية حشدت الآلاف من التوقيعات. ولم يتضح على الفور ما إذا كان الحفل سيُنظم مع راع آخر، حيث تعهد رجال دين مسلمون محليون بتحدي الوزيرة.
غالبا ما يقف العامل الاقتصادي وراء قرار العائلات في تزويج بناتها، إضافة إلى عادات المجتمع القديمة
وقالت كينيدي أوهانيني إنها تلقت تأكيدات من الحكام التقليديين للولاية بأن حفل الزفاف سيُلغى، إلا أنها ستتابع مساعيها لتضمن عدم حدوثه أبدا. وأضافت “ما أحاربه هو عدم الشرعية. أنا لا أحارب التقاليد أو الدين”.
وناقشت مع هؤلاء القادة تسجيل بعض الفتيات في المدارس، وفتح حسابات مصرفية للأخريات حتى يمكنهن الانطلاق في الادخار. وأكدت أن “الزواج ليس تمكينا ولا يغير حياة شخص ما. لكنه يزيد الأمور سوءا إذا لم يكن بحوزتك المال اللازم لرعاية عائلتك”.
وينص قانون حقوق الطفل في نيجيريا على أن سن الزواج يجب ألا يقل عن 18 عاما. لكن الفتيات القصر يتزوجن روتينيا في الولايات الشمالية. وتزوجت أكثر من نصف النساء اللاتي تتراوح أعمارهن اليوم بين 20 و24 سنة قبل بلوغهن السن القانوني للزواج.
وقالت نيريدا نثامبوري، من منظمة "فتيات ولسن عرائس" غير الربحية التي تكافح ظاهرة زواج القصر، إن القوانين ليست كافية حيث لا تزال الأعراف الثقافية تدفع الفتيات إلى هذا الزواج المبكر. وأكدت تزويج الآباء في بعض الولايات الشمالية لبناتهم بمجرد حيضهن الأول أو سن البلوغ، وحثت الحكومة على طلب مساعدة الزعماء التقليديين والمجتمعيين.
كما أجبرت معدلات الفقر المرتفعة المزيد من الأسر على تزويج الفتيات لسداد الديون أو توليد الدخل.
ودعت نثامبوري الحكومة إلى الاستثمار في البرامج التي تبقي الفتيات في المدارس وتجعلهن أقل عرضة لهذه العادات، معتبرة “التعليم أفضل ترياق للزواج القسري”. وصرّحت “إذا نجح تمكين الأسر اقتصاديا، فسنجد أنها لن تبيع بناتها. ومن المرجح حتى أن تتمكن من إبقائهن في المدارس على الأقل”.
وتعد النيجر من أعلى الدول نسبة في زواج القاصرات، فالسن القانوني للزواج هو الـ18، وتتزوج حوالي ربع الفتيات في أقل من هذا السن.

وغالبا ما يقف العامل الاقتصادي وراء قرار العائلات في تزويج بناتها، إضافة إلى عادات المجتمع القديمة، لكن أيضا علماء الدين هناك يشجعون زواج الفتيات الصغار.
وتحتل نيجيريا المرتبة الـ11 في زواج الأطفال، إذ تُزوج نحو 43 في المئة من الفتيات قبل إتمامهن سن الـ18، في حين تتزوج 17 في المئة منهن قبل الخامسة عشر عامًا، وفي الشمال فهناك 3 من كل 4 فتيات تتزوجن قبل الـ18 عامًا.
يُذكر أن هناك أكثر من 12 مليون فتاة تحت سنّ الـ18 يتزوجن سنويًّا في العالم، وأن هناك نحو 650 مليون امرأة موجودة حاليا قد تزوجن في سنّ الطفولة، بحسب البيانات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، التي حذّرت من أنه إذا استمرَّ زواج الأطفال بالمعدل الحالي، فإن أكثر من 150 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم سيتزوجن قبل عيد ميلادهن الـ18بحلول عام 2030.
وأثارت ظاهرة الزواج القسري والمبكّر التي بدأت تنتشر بصورة كبيرة في دول غرب أفريقيا تحديدًا، حفيظة المنظمات الدولية المعنية بحقوق المرأة والإنسان على حد سواء، خاصة بعدما تحوّلَ الأمر إلى “استثمار” يتمحور حول لجوء بعض الجماعات المسلحة لاختطاف الفتيات صغيرات السن لتقديمهن لكبار السن على سبيل الزواج، وإن كان بالأحرى على سبيل الرقّ والعبودية.
وفي السنوات الأخيرة نشطت جماعة بوكو حرام في مجال خطف الفتيات وبيعهن في سوق النخاسة، ما دفع الأمم المتحدة لإصدار العشرات من البيانات والتحذيرات لوقف تلك الانتهاكات الجسيمة، حيث أدانت المقرِّرة الخاصة المعنية بمسألة بيع الأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية، نجاة معلا أمجيد،
ممارسات الجماعة المسلحة، مضيفة “يشكّل بيع الأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي والزواج القسري والاسترقاق الجنسي جريمة لا تطاق ويحظرها القانون الدولي”.
أما المقرِّرة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة، غولنارا شاهينيان، فترى أن الزواج المبكر القسري يؤدّي إلى زيجات تشبه الاستعباد المنزلي والاسترقاق الجنسي، وهي من أشكال العبودية، محذّرة من أن “الاسترقاق، بما في ذلك الاسترقاق الجنسي، يمكن أن يشكّل جرائم ضد الإنسانية”.