أطفال سوريا يراقبون أحلامهم من تلسكوب الفلك

أطفال هواة يتطلعون إلى اكتشاف أسرار الكون والأجرام السماوية بمعدات بسيطة.
الأحد 2022/11/13
عين على أسرار الكون

رغم الأزمات التي يعيشها السوريون مازال الأطفال من هواة الفلك يتطلعون إلى اكتشاف أسرار الكون والأجرام السماوية بمعدات قليلة منعت العقوبات الأميركية استيراد الحديث منها.

دمشق - في مقر الجمعية الفلكية السورية بالعاصمة دمشق تقام عدة أنشطة للأطفال كل يوم تقريبا، حيث يجلب الناس أطفالهم الشغوفين بعلم الفلك إلى هذا المكان للتعلّم ومشاهدة القمر والنجوم عبر أنواع مختلفة من التلسكوبات التي نصبت على سطح مبنى مقر الجمعية الفلكية الذي يطل أيضا على الحي القديم في دمشق.

وتتراوح أعمار الأطفال الذين يزورون مقر الجمعية بين 7 و12 عاما، وهم مفعمون بالحيوية والنشاط ومصممون على التعلم وكشف أسرار الفضاء، ويقفون في طابور لاستخدام التلسكوب والنظر إلى القمر أو النجوم، بينما يشرح لهم المدربون الظواهر المختلفة التي يشاهدونها ويقدمون لهم أسباب حدوثها.

وقال طارق بوعمر (طالب في المرحلة الابتدائية) إنه كان دائما يهتم بالفضاء قبل أن يشرع في حضور الدورات والأنشطة بمقر الجمعية الفلكية للحصول على المزيد من المعلومات وإرواء تعطشه إلى المعرفة.

أحلام طارق بوعمر أكبر من مجرد أنه يراقب الفضاء عبر التلسكوبات، فهو يرغب في الحصول على معلومات عن الشهب وعلى قطعة من أحد النيازك لتبقى ذكرى عنده، كما يريد بلوغ القمر عندما يكبر.

وقال طارق إن “حلمي هو أن أصبح طبيبا، لكنني أريد أيضا أن أدخل مجال علم الفلك، وأطمح لأن أكون أول سوري يسافر ويصل إلى القمر”.

كما أعرب صديقه محمد سالم (طالب آخر في المرحلة الابتدائية) عن رغبته في معرفة المزيد عن الفضاء، معبرا عن فخره بمعرفة أن بعض النجوم لها ألوان مختلفة.

وقال الطفل الصغير “أتيت إلى هنا منذ أكثر من عام لأنني أحب علم الفلك كثيرا، أحب اكتشاف ومشاهدة الكواكب وما يدور حول مداراتها من خلال التلسكوبات”.

ولم يخف الفتى الصغير رغبته أيضا في السفر إلى كوكب المريخ لاكتشاف أسراره الغامضة.

وقالت تركية جبور المدربة المسؤولة عن مشروع ما يسمى “الفلكي الصغير” لوكالة أنباء شينخوا إن “تركيزهم (أعضاء مشروع “الفلكي الصغير”) ينصب حاليا على توفير المعلومات للأطفال الذين يرغبون في التعرف على الأمور المتعلقة بالفضاء”.

وأضافت أنهم من خلال الأنشطة والفعاليات التي ينظمونها يركزون على الطريقة الصحيحة لتعليم الأطفال وتقديم المعلومات لهم بسلاسة وبطريقة مفهومة.

وتابعت “إننا نريد أن ننشر الثقافة الفلكية في المجتمع، وأن نبني جيلا متعلما”، مشيرة إلى أنه رغم كل الظروف التي مرت بها سوريا خلال سنوات الحرب لم تتوقف الأنشطة.

وأشارت جبور إلى أن الجمعية الفلكية السورية فازت من خلال أنشطتها الموجهة إلى الأطفال بالعديد من الجوائز العالمية، مثل بعض التلسكوبات للأطفال وألعاب التوضيح، ورغم ذلك لم تتمكن الجمعية من الحصول عليها بسبب العقوبات الاقتصادية الأميركية.

وقال محمد العصيري رئيس الجمعية الفلكية إن “الجمعية حصلت على المرتبة الأولى في العديد من الأنشطة الموجهة إلى الأطفال التي وقعت خارج سوريا، وفازت بالعديد من الجوائز المادية، لكننا لم نستطع إدخالها إلى البلاد بسبب العقوبات”.

وعلى سطح مقر الجمعية الفلكية توجد قبة تغطي تلسكوبا أكبر من التلسكوب الأصغر الذي يستخدمه الأطفال والزائرون العاديون.

وقال العصيري إن “الجمعية الفلكية تمكنت من شراء الجسم الرئيسي للتلسكوب بعدساته المثبتة مسبقا، ومع ذلك لا يمكن شراء القاعدة الرئيسية التي تحمل التلسكوب بسبب العقوبات، لذلك قاموا ببنائه بأنفسهم، بالإضافة إلى ذلك كان على المهندسين المحليين أن ينشئوا برامج لتشغيل التلسكوب، لأن العقوبات منعتهم من الحصول على البرنامج الأصلي”.

وأضاف “في ظل العقوبات الجائرة المفروضة علينا لم نتمكن من الحصول على البرامج اللازمة لتشغيل التلسكوبات، لذلك أنشأنا برنامجنا الخاص وتمكنا من تشغيل هذا التلسكوب وإحضاره بعد إعداد البرنامج السوري”.

أولئك الذين أنشأوا البرنامج وشغلوا التلسكوبات هم مهندسون شباب، كانوا مدفوعين بطموحهم إلى التخصص في المجالات ذات الصلة بالفضاء.

وقال عمر المصري (طالب هندسة الكمبيوتر والأتمتة) إنه يعتمد هو ومهندسون آخرون على مراجع عبر الإنترنت لتعلم طرق إصلاح الأخطاء أو الأعطال التي قد تحدث في ظل عدم وجود تصدير لقطع غيار التلسكوبات وغيرها، لأن تلك المعدات مشمولة ببند العقوبات الأميركية.

20