أضواء نيويورك تحت مجهر الجمعيات المدافعة عن البيئة

مشاهدة النجوم تعد إلى جانب الطيور ضحية أخرى للتلوث الضوئي، لذلك تأسست جمعية "دارك سكاي" الدولية.
الثلاثاء 2023/09/26
المدينة التي لا بد أن تنام

يعتبر ناشطو البيئة أن الأضواء التي تزيّن مدينة نيويورك ليلا تعارض مبدأ ترشيد استهلاك الطاقة، لذلك يطالبون بإطفائها لأن الإضاءة الخارجية التي تتفاخر بها المدن التي لا تنام تمثل 1 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة السنوية.

نيويورك - تشكّل الأضواء الليلية المبهرة التي اكتسبت نيويورك بفضلها لقب “المدينة التي لا تنام” منذ فترة بعيدة مصدر إزعاج لناشطي المناخ الذين يطالبون بإطفائها لتعارضها مع مبدأ ترشيد استهلاك الطاقة.

وصرح راسكين هارتلي مدير جمعية “دارك سكاي” الدولية التي تنادي بإطفاء الأضواء ليلاً “أعتقد أن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً قبل انتزاع اعتراف بحقيقة الوضع في هذه المدينة المضاءة بشكل كبير، أي الإهدار الصارخ للطاقة وانعكاس ذلك مباشرة على الطبيعة”.

وبحسب وزارة الطاقة الأميركية، تستهلك الإضاءة الخارجية في الولايات المتحدة طاقة كافية لتزويد 35 مليون منزل بالكهرباء لمدة عام.

ويصعب الحصول على التقديرات عن كل مدينة، ولكن من الواضح أن نيويورك واحدة من أسوأ المدن أداء في هذا المجال في الولايات المتحدة، في بلد يهدر وفق الباحثين الطاقة أكثر بكثير من أوروبا.

وقد ناقش المشاركون في أسبوع المناخ الذي اختتم أعماله الأحد في نيويورك مجموعة من المواضيع البيئية، بدءاً من خفض بصمة الكربون من الأغذية إلى دور الفن في هذا الكفاح.

oo

ويجمع أسبوع المناخ هذا سنوياً الناشطين والسياسيين وشخصيات من أوساط الأعمال للمشاركة في المئات من الأحداث لتبادل الأفكار حول طرق معالجة أزمة البيئة.

ويقول هارتلي “أعتقد أن الناس يبحثون عن طرق لإحداث تأثير بسرعة، نظراً إلى حجم الأزمة التي نواجهها. وأحد أبسط الأمور التي يمكننا القيام بها هو أن ننظر حولنا ونرى أين يمكننا الحد من الهدر”.

وتقدّر جمعية “دارك سكاي” الدولية أن الإضاءة الخارجية التي يمكن مشاهدتها من الفضاء تمثل 1 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة السنوية. ولا تقتصر المسألة على إهدار الطاقة.

وتقع نيويورك في الواقع على طول طريق لهجرة الطيور تسلكه الملايين منها كل عام، كما يوضح داستن بارتريدج المسؤول عن جمعية أودوبون الناشطة في مجال حماية الطيور في نيويورك.

ويجذب الضوء الاصطناعي الطيور إلى المدينة. وفي النهار تصطدم الطيور بالمباني جراء رؤية انعكاسات النباتات على النوافذ. وليلاً، تتجه مباشرة إلى النوافذ المضاءة. ويوضح بارتريدج “في نيويورك، يقضي حوالي 250 ألف طائر جراء حوادث الاصطدام كل عام”. ويصادف أسبوع المناخ موسم هجرة الطيور في الخريف.

وتعتبر البذور التي تنشرها الطيور حيوية لصحة الأنظمة البيئية التي تحبس الكربون في كندا، حيث تبدأ رحلة الهجرة إلى الوجهات المختلفة في أميركا الجنوبية. ويقول بارتريدج “يمكن الخروج مساء في نيويورك والتحقق من أنّ هناك حلاً بسيطاً لحماية التنوع البيولوجي والمساهمة في مكافحة تغير المناخ”.

pp

وتعد مشاهدة النجوم أيضا ضحية أخرى للتلوث الضوئي، ولهذا السبب البيئي تحديدا أنشئت جمعية “دارك سكاي” الدولية. ويضيف بارتريدج “الضوء الذي يمر عبر ملايين السنين الضوئية يتم امتصاصه وإخفاؤه في آخر نانو ثانية. يا لها من خسارة للمجتمع”.

وسلطت أبحاث أخرى الضوء على الآثار المحتملة على صحة الإنسان مثل زيادة حالات السرطان، والتي يمكن ربطها باضطرابات إيقاع الساعة البيولوجية. ولأن الضوء يجذب الحشرات، فقد وجدت دراسة تعود إلى عام 2020 صلة بين الضوء الاصطناعي وزيادة في انتقال فايروس غرب النيل الذي ينقله البعوض.

واعتمدت نيويورك قانوناً في عام 2021 يلزم جميع المباني المملوكة للمدينة بإطفاء الأضواء غير الضرورية من الساعة 23:00 حتى السادسة صباحا خلال هجرة الطيور في موسمي الربيع والخريف.

لكن هذه الأضواء لا تمثل سوى نسبة صغيرة من جميع المباني. ولا يزال مشروع قانون جديد اقترح في مايو ومن شأنه أن يوسع هذه القواعد لتشمل المباني الخاصة والصناعية، أمام مجلس المدينة لدرسه.

ويؤكد معارضوه أن “أفق” نيويورك الليلي الشهير ضروري للحفاظ على هوية المدينة. أما الناشطون فيردّون على ذلك بالإشارة إلى المدن الأوروبية التي بدأت بإطفاء الأنوار عندما يكون غالبية السكان نائمين، كباريس المعروفة بـ”مدينة الأنوار”.

Thumbnail
18