أسوان ترحب باللاجئين السودانيين في مصر

نحو 310 ألف سوداني لجأوا إلى مصر منذ بدأت الحرب الأخيرة في السودان في 15 أبريل.
السبت 2023/09/16
الضيوف ينعشون السياحة

الخرطوم - لجأ الآلاف من السودانيين إلى مدينة أسوان في مصر وساهموا في إنعاش السياحة في هذه المدينة الفرعونية الجنوبية خارج موسهما الرئيسي، فيما يحاولون نسيان أهوال الحرب في بلادهم.

ووصل هاشم علي البالغ 54 عاما إلى أسوان بعدما قطع آلاف الكيلومترات من الخرطوم التي هرب منها تحت القصف، إلى الحدود المصرية شمالا.

وبعدما وجد شقة لتسكن فيها عائلته في هذه المدينة الكبيرة، يأمل الموظف السوداني السابق أن يستفيد أبناؤه الآن من وجودهم فيها.

ويقول علي وهو جالس على شرفة فندق، عادة ما يكون مزدحما في الموسم السياحي في الشتاء، إنه جاء “لقضاء يوم جميل مع أسرته”.

ويتابع فيما يلهو أبناؤه وتعلو ضحكاتهم من حوله أنه حرص على هذه النزهة لعلها تساهم في أن تنسى عائلته “الحرب والقنابل والغارات الجوية والقصف”.

ومنذ بدأت الحرب الأخيرة في السودان في 15 أبريل، لجأ نحو 310 ألف سوداني إلى مصر.

سكان أسوان لم يتوقعوا مثل هذا التدفق للاجئين السودانيين، ولا الفرص التي جلبها هؤلاء معهم للقطاع السياحي

وعلى الجانب الآخر من الحدود، ينتظر الكثيرون بعد قرار مفاجئ من مصر في يوليو بإعادة العمل بتأشيرات الدخول لكل السودانيين الفارين من الحرب بعدما كان الأطفال والأشخاص فوق سن الخمسين يعبرون دون تأشيرة.

ونجحت زينب إبراهيم البالغة 30 عاما في عبور الحدود قبل ثلاثة أشهر. وقبل ذلك، ظلت مع أسرتها محبوسة داخل شقتها في الخرطوم خوفا من القصف الجوي وقذائف المدفعية ومعارك الشوارع.

وتقول زينب “كنت حاملا ولم يكن هناك أيّ مستشفى يمكن أن ألد فيه طفلي” في السودان حيث بات الملايين محرومين من الرعاية الصحية بعدما قضت الحرب على النظام الصحي السوداني الذي كان هشا في الأصل.

وبمجرد دخولهم مصر، يتوجه الكثير من اللاجئين السودانيين إلى القاهرة بينما يفضل آخرون مثل هاشم علي وزينب إبراهيم البقاء في أسوان وهي أول أكبر مدينة مصرية للقادم من السودان، على بعد قرابة 300 كيلومتر من الحدود بين البلدين.

وقبل بداية الحرب، كان أربعة ملايين سوداني يقيمون في مصر، وفق الأمم المتحدة.

ويتطلع غالبية الوافدين الجدد إلى الإقامة بشكل دائم في مصر، بعيدا عن بلدهم حيث يرون أنه لن يتمكن من النهوض مجددا قبل عقود.

وفي موسم الشتاء، تأتي إلى أسوان أفواج من السياح المصريين والأجانب لاكتشاف الآثار الفرعونية والتنزه على ضفاف النيل والاستمتاع بدرجات الحرارة المعتدلة في تلك الفترة من السنة.

Thumbnail

لكن سكان أسوان لم يتوقعوا مثل هذا التدفق للاجئين، ولا الفرص التي جلبها هؤلاء معهم.

وفيما يهرب السياح المصريون من أسوان مع ارتفاع الحرارة في الصيف، عادت المراكب السياحية للعمل مطلع  سبتمبر.

وبدأت المراكب مجددا تنظيم الرحلات بين الجزر النوبية في النيل فيما أصوات الموسيقى المبهجة تصدح.

وتستمع العائلات بتناول القهوة النوبية على ضفة النيل فيما ينصح المرشدون الركاب بالاستحمام في مياه النهر.

ويقول محمود الأسواني البالغ 19 عاما وهو يقف على سفينة صغيرة يعمل عليها منذ خمس سنوات “منذ الحرب ووصول أشقائنا السودانيين، استأنفنا النشاط وزاد الطلب على الرحلات النيلية”.

وشكل ذلك نبأ سارا في بلد يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه بلغت نسبة التضخم خلالها مستوى قياسيا. غير أنه لا يتم استقبال كل السودانيين بالطريقة نفسها.

ففي القاهرة، يشكون من التمييز ومن أصحاب الشقق والمنازل الذين يبالغون في الأسعار ومن العنصرية، حيث اضطُرت عائلات سودانية إلى مغادرة شققها في القاهرة، بعد إصرار مالكي العقارات على مضاعفة قيمة الإيجارات ثلاث مرات، مستغلين في ذلك توافد اللاجئين السودانيين إلى مصر.

Thumbnail

وتقول الحاجة فاطمة أنه رغم ما وجدته من استقرار نسبي في أسعار متطلبات الحياة اليومية كالطعام والشراب وغيره في القاهرة، إلا أنها تواجه صعوبات في الحصول على شقة خاصة لأسرتها بسبب غلاء أسعار العقارات.

وأعربت عن مخاوفها بشأن إطالة أمد بقائهم، نظراً لتكاليف المعيشة وحاجة الأبناء إلى الدخول للمدارس، وهو ما يشكل تحديات جمة أمام الآلاف من الأسر السودانية من النازحين.

وفي أسوان، حيث يعيش النوبيون الذين يقيمون منذ آلاف السنين عند الحدود بين البلدين، وجد السودانيون متطوعين يستقبلونهم مع وجبات ساخنة وماء بارد.

ويكرر هاشم علي باستمرار أن “أسوان مدينة جميلة وناسها طيبون”، لكن بعيدا عن هذه المبادرات الفردية القليلة، يترك اللاجئون لمواجهة مصيرهم بمفردهم.

وتمنع السلطات المصرية وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية من إقامة مخيمات لإيواء اللاجئين، مؤكدة في المقابل أنه يُسمح للوافدين بالعمل أو التنقل بحرية.

والجالية السودانية الكبيرة في مصر، والتي هاجرت بسبب الاضطرابات السياسية في عدة موجات في التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين تحاول  تقديم العون للسودانيين الواصلين حديثاً إلى مصر.

وتقول رانيا عبدالعزيز “التعاون مذهل”. وتسوق المثال التالي: تم تحويل مدرسة سودانية في القاهرة مغلقة بسبب الإجازات الحالية إلى مأوى للاجئين، ويقوم أطباء ومعالجون نفسيون سودانيون بمساعدة المصابين بالأمراض الجسدية والصدمات النفسية.

16