أسلوب جديد لعلاج الاكتئاب بالضوء الساطع

يشير باحثون وخبراء في الصحة إلى أن قضاء بعض الوقت أمام مصدر إضاءة ساطعة يعود بالفائدة على من يشكون من الاضطرابات الاكتئابية وأعراض الاكتئاب ثنائي القطب، ذلك أن التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي يحسن المزاج عبر زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ. وعلى عكس الاكتئاب الموسمي المرتبط بتغيرات الفصول، يمكن أن تظهر الاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية في أي وقت من السنة.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - كشفت دراسة علمية أن العلاج بالضوء الساطع، الذي عادة ما يستخدم في حالات الاضطرابات العاطفية الموسمية، يمكن أيضا استخدامه لتخفيف أعراض بعض حالات الاكتئاب.
وبحسب الدراسة التي شارك فيها باحثون من عدة جامعات من بينها جامعتا “ماتو جروسو” و”بارا” الاتحاديتان في البرازيل وجامعة بوينس آيرس في الأرجنتين، تبين أن قضاء بعض الوقت أمام مصدر إضاءة ساطعة يعود بالفائدة على من يشكون من الاضطرابات الاكتئابية وأعراض الاكتئاب ثنائي القطب.
واستعرض الباحثون نتائج 11 تجربة عشوائية شملت 850 مريضا يعانون من هذه الأمراض النفسية، حيث كان الفريق البحثي يطلب من المتطوعين التعرض لمصدر إضاءة فلورسنت لمدة نصف ساعة يوميا لفترة تتراوح ما بين أسبوع وستة أسابيع، مع الاستمرار في تلقي جرعات العلاج التي وصفها لهم الأطباء.
وكشفت الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “جاما بسيكياتري” المتخصصة في طب النفس أن أكثر من 60 في المئة من المشاركين في تجارب التعرض للضوء الساطع، تراجعت لديهم أعراض الاكتئاب بنسبة 50 في المئة أو أكثر، مقابل 38 في المئة في المجموعة التي لم تتعرض للضوء.
وتبين أيضا أن نسبة التعافي بشكل كامل من الاكتئاب كانت أعلى في المجموعة التي تعرضت للضوء.
قضاء بعض الوقت أمام مصدر إضاءة ساطعة يعود بالفائدة على من يشكون من الاضطرابات الاكتئابية وأعراض الاكتئاب ثنائي القطب
يقول فريق الدراسة في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني “هيلث داي” المتخصص في الأبحاث الطبية إن “التعرض لمصادر الضوء الخارجية بشكل عام ليس عليه قيود أو تترتب عليه تكاليف إضافية”، مؤكدا أن التجربة أثبتت الحاجة إلى “تعزيز استخدام الضوء الساطع كوسيلة علاج مساعدة فعالة في حالات اضطرابات الاكتئاب غير الموسمية”.
ووجدت دراسة برازيلية أن العلاج بالضوء الساطع يمكن أن يكون علاجا مساعدا فعالا للاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية.
وأوضح الباحثون بجامعة “بارا” الفيدرالية أن هذا العلاج يمكن أن يُحسّن سرعة استجابة المرضى للعلاج الأولي، ونشرت النتائج في دورية “جاما نتورك”. والاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية هي حالات صحية عقلية تسبب شعورا بالحزن الشديد وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان الشخص يستمتع بها سابقا.
وعلى عكس الاكتئاب الموسمي المرتبط بتغيرات الفصول، يمكن أن تظهر الاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية في أي وقت من السنة.
وتشمل الأعراض فقدان الاهتمام، وتغيرات في الشهية، واضطرابات النوم، والشعور بالذنب أو اليأس، ما يؤثر على قدرة الشخص على العمل والاستمتاع بالحياة.
ويُستخدم العلاج بالضوء الساطع لعلاج الاكتئاب الموسمي، عبر التعرض لضوء صناعي يحاكي الضوء الطبيعي، ويُعتقد أنه يحسن المزاج عبر زيادة مستويات السيروتونين في الدماغ، ويُظهر فعالية خصوصا في حالات نقص التعرض للضوء الطبيعي خلال أشهر الشتاء، مما يساعد في تحسين الحالة المزاجية وزيادة معدلات الشفاء، لكن تأثيره على الاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية لم يكن واضحا حتى الآن. واستهدفت هذه الدراسة تقييم فعالية العلاج بالضوء الساطع كونه علاجا مساعدا لـ858 مريضا بالاضطرابات الاكتئابية غير الموسمية.
وأظهرت النتائج أن المرضى الذين تلقوا العلاج بالضوء الساطع حققوا معدلات شفاء بلغت 40.7 في المئة، مقارنة بـ23.5 في المئة للمرضى الذين لم يتلقوا هذا العلاج. كما كانت معدلات الاستجابة للعلاج 60.4 في المئة مقابل 38.6 في المئة على التوالي.
التعرض لمصادر الضوء الخارجية بشكل عام ليس عليه قيود أو تترتب عليه تكاليف إضافية
وأظهر تحليل لمجموعة المرضى الذين تمت متابعتهم لفترات أقل من 4 أسابيع تحسنا ملحوظا في معدلات الشفاء، حيث بلغت 27.4 في المئة بمجموعة العلاج بالضوء الساطع مقارنة بـ9.2 في المئة بالمجموعة الأخرى.
وأشارت النتائج إلى أن العلاج بالضوء الساطع يُسرع استجابة المرضى، حيث أظهرت البيانات تحسنا بعد 4 أسابيع من العلاج، مع استمرار النتائج الإيجابية بعد ذلك.
وقال الباحثون إن هذه النتائج تُعد خطوة مهمة لتحقيق فهم أفضل لكيفية استخدام العلاج بالضوء الساطع بوصفه وسيلة لتحسين النتائج العلاجية للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب غير الموسمي. وأضافوا أن استخدام هذه الطريقة يمكن أن يعزز من فعالية العلاجات التقليدية، ما يفتح المجال للمزيد من الأبحاث حول دور الضوء الساطع في العلاج النفسي.
وهذا العلاج يتضمن استخدام الضوء الأبيض الساطع والذي يتراوح في شدته من 2000 إلى 5000 لكس (اللكس يساوي ضوؤه ضوء شمعة واحدة، ومتوسط ضوء المنازل يتراوح من 50 إلى 500 لكس).
وقد أثبت العلاج بالضوء الساطع أنه فعال في علاج حالات الضمور ومتلازمة فترة النوم وعدم انتظام الحيض.
كما يعد العلاج بالضوء ذي الطيف الكامل (التعرض لضوء الشمس الطبيعي والأشكال الأخرى من الطيف الضوئي الكامل) فعالا لتخفيف عدد من الأمراض تتضمن الاكتئاب وزيادة النشاط الحركي وارتفاع ضغط الدم، والصداع النصفي وأعراض ما قبل الدورة الشهرية.
أكثر من 60 في المئة من المشاركين في تجارب التعرض للضوء الساطع، تراجعت لديهم أعراض الاكتئاب بنسبة 50 في المئة أو أكثر
ولا يزال ضوء الشمس يستخدم لعلاج الأطفال حديثي الولادة من مرض الصفراء، ولضوء الطيف الكامل وأيضا الضوء الأبيض الساطع فعالية في علاج الخلل الشعوري العاطفي الموسمي.
والأعراض العامة للخلل الشعوري الموسمي والذي يسمى أيضا كآبة الشتاء هي الاكتئاب وتناول الطعام بشراهة وانعدام الرغبة الجنسية.
ويعدّ العلاج الضوئي من العلاجات الآمنة المستخدمة في معالجة العديد من الأمراض النفسيّة والجلديّة، إذ يقوم مبدأ عمل العلاج الضوئي عند استخدامه في معالجة الأمراض النفسية على استخدام جهاز يُسمّى صندوق العلاج الضوئي، بحيث يُوضع الصندوق بجانب المريض أثناء جلسة العلاج لينبعث منه ضوء يشبه الضوء الموجود في الطبيعة، أمّا عند معالجة الحالات الجلدية، فيتمّ استخدام أجهزة قادرة على إنتاج الأشعة فوق البنفسجية بكمية أقوى من تلك الصادرة من الشمس.
وقبل البدء بالعلاج الضوئي، يجدر بالمريض إخبار الطبيب المختص بالأمراض الصحية التي يُعاني منها، وخاصة أمراض العين، وكذلك يجب عليه إخبار المختص بالأدوية التي يتناولها، إذ إنّ بعض الأدوية من شأنها أن تُسبب حروقا في الجلد في حال تعرّض المريض للضوء، إلى جانب هذا، يُنصح المصاب بعدم تطبيق أي مراهم أو مستحضرات تجميلية، وخاصة العطريّة منها، أو تلك التي تحتوي على مادة قطران الفحم.
كما يمكن تطبيق واقي الشمس على الوجه واليدين قبل البدء بجلسة العلاج الضوئي. وتغطية الأعضاء التناسلية للذكور خلال جلسة العلاج الضوئيّ. وتجنّب التعرّض لأشعة الشمس قدر المستطاع.
وإذا اضطر المريض إلى ذلك، لا بد من تغطية الجلد.
كما ينصح بتجنّب الإكثار من الأطعمة التي تزيد حساسية الجسم للأشعة فوق البنفسجية، كالأطعمة التي تحتوي على مادة السورالين مثل الجزر والكرفس والتين والحمضيّات والبقدونس وغيرها.
ويُستخدم العلاج الضوئي في علاج بعض المشاكل النفسية، ونظرا لأمانه ومحدوديّة آثاره الجانبية فإنّه يُنصح باستخدامه من قبل المختصين وخاصة في مراحل الحمل والرضاعة، وحالات الاكتئاب التي لا يرغب فيها المريض بتناول الدواء، أو حالات الاكتئاب والأمراض النفسية التي تتطلّب جلسات نفسية علاجية لتصل بالمريض إلى هدف العلاج المنشود، ومن المشاكل الصحية التي يمكن استخدام العلاج الضوئي فيها:
- الاكتئاب غير المرتبط بموسم معيّن من العام.
- الاضطراب العاطفي الموسمي.
- اضطراب الرحلات الجوية الطويلة والمعروف أيضا باختلاف التوقيت.
- اضطرابات النوم.
- الخرف.