أسباب انجذاب البشر إلى الأغذية الدهنية يكشفها تصوير المخ بالرنين المغناطيسي

استطاع عدد من الباحثين تحديد الأماكن التي تستجيب للدهون داخل المخ من خلال تصوير أدمغة المتطوعين بالرنين المغناطيسي، وكانت منطقة القشرة الجبهية داخل المخ هي التي تضيء أثناء تناول المتطوعين الأغذية الدهنية. ومن شأن هذه النتيجة أن تساعد في التوصل إلى وسائل علاجية تحد من الميل الطبيعي لتناول الأغذية المشبعة بالدهون وبالتالي التقليل من السمنة.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - نجح فريق من الباحثين ببريطانيا، عن طريق صور الأشعة بالرنين المغناطيسي، في تحديد المناطق التي تستجيب في المخ في حالة تناول أغذية أو مأكولات تحتوي على نسب مرتفعة من المواد الدهنية.
وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية “جورنال أوف نيروساينس” المتخصصة في طب الأعصاب، قام الفريق البحثي من جامعة كامبريدج ومستشفى أدينبروك في المملكة المتحدة بإخضاع المتطوعين في التجربة للتصوير بالرنين المغناطيسي أثناء تناول جرعات من اللبن المخفوق تحتوي على نسب مختلفة من الدهون.
وأثبتت دراسات سابقة أن الإفراط في تناول الأغذية المشبعة بالدهون يعتبر من العوامل الأساسية المسببة للسمنة في الدول الغربية، ومن هذا المنطلق، سعى الباحثون لتحديد الأماكن التي تستجيب للدهون داخل المخ، حتى يتسنى التوصل إلى وسائل علاجية للحد من الميل الطبيعي لتناول هذه الأغذية المشبعة بالدهون.
وبحسب الموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية، كان الفريق البحثي يطلب من 22 متطوعا مشاركين في التجربة تناول الجرعات المختلفة من اللبن المخفوق، ثم تحديد السعر الذي يمكن أن يدفعه كل متطوع نظير كوب كامل من هذا المشروب، كوسيلة لتحديد مدى إعجاب كل متطوع بالجرعة التي يتناولها في إطار التجربة، مع إخضاع المتطوعين للتصوير بالرنين المغناطيسي للمخ خلال فترة التجربة.
ووجد الباحثون أن منطقة القشرة الجبهية الحجاجية داخل المخ كانت هي التي تضيء في صورة الرنين المغناطيسي أثناء تناول أغذية دهنية خلال التجربة، وأن قوة إضاءة هذه المنطقة من المخ في صور الرنين المغناطيسي كانت تتزايد مع تناول المشروبات التي تتزايد فيها نسبة الدهون.
وفي ختام التجربة تمت دعوة المتطوعين لوجبة غداء مجانية تتضمن أطباقا من الكاري تحتوي على نسب دهون متفاوتة، واتضح للباحثين أن المتطوعين الذين تفاعلت منطقة القشرة الجبهية الحجاجية لديهم أكثر من غيرهم خلال التجربة تناولوا كميات أكبر من الكاري الذي يحتوي على نسب دهون مرتفعة.
وكانت دراسة علمية جديدة قد حددت الرابط بين الذاكرة والشهية في الدماغ البشري لتفسير السمنة. واكتشف البحث الصادر عن كلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا، وجود اتصالات متقطعة بين الذاكرة والشهية، والتي تنظم دوائر الدماغ بشكل مباشر، تتفاعل مع (مؤشر كتلة الجسم)، لاسيما عند المرضى الذين يعانون من اضطراب أو إفراط في تناول الطعام، الذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى السمنة، مثل "اضطراب الشراهة".
ويشير البحث إلى أن الأفراد الذين يعانون من السمنة المفرطة لديهم ضعف في الاتصالات بين "الحصين الظهراني الجانبي" ومنطقة "ما تحت المهاد الجانبي"، ما قد يؤثر على قدرتهم على التحكم أو تنظيم الاستجابات العاطفية عند توقع حصولهم على وجبات غذائية. ويقع "الحصين الظهراني الجانبي" في منطقة الدماغ التي تعالج الذاكرة، بينما توجد منطقة "ما تحت المهاد الجانبي" في الجزء المسؤول عن إبقاء الجسم في حالة مستقرة، وتسمى "التوازن".
وفي الدراسة، تمكن الباحثون من تقييم المرضى بمراقبة أدمغتهم كهربائيا في وحدة مراقبة الصرع، وقام الباحثون بمراقبة نشاط الدماغ، وعندما منحوهم "مخفوق الحليب بالشوكولاتة" اكتشفوا أن كلا من منطقتي "الحصين الظهراني الجانبي و"ما تحت المهاد الجانبي" تنشطان في توقيت واحد، عندما توقعا الحصول على وجبة مجزية.
وتوصل العلماء كذلك إلى أن ضعف دائرة ما تحت المهاد والحصين يتناسب طرديا مع (مؤشر كتلة الجسم) لدى مرضى السمنة، وكان الاتصال أكثر اضطرابا لدى المشاركين الذين لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع. وتعليقا على نتائج الدراسة، يقول كبير مؤلفي الدراسة، كيسي هالبيرن، الحاصل على دكتوراه في الطب، الأستاذ المشارك في جراحة الأعصاب “تؤكد هذه النتائج أن أدمغة بعض الأفراد يمكن أن تكون مختلفة بشكل أساسي في المناطق التي تزيد من خطر الإصابة بالسمنة".
وتابع “حالات مثل اضطراب الأكل والسمنة أكثر تعقيدا بكثير من مجرد التحكم في ضبط النفس وتناول طعام صحي، لكن ما يحتاجه هؤلاء المرضى ليس المزيد من قوة الإرادة للامتناع عن الطعام، وإنما المعادل العلاجي الكهربائي الذي يمكنه إجراء هذه التوصيلات الصحيحة داخل أدمغتهم".
◙ منطقة القشرة الجبهية الحجاجية داخل المخ كانت هي التي تضيء في صورة الرنين المغناطيسي أثناء تناول أغذية دهنية
والسمنة مرض معقد تزيد فيه كمية دهون الجسم زيادة كبيرة. وهي ليست مجرد مشكلة تتعلق بالمظهر الجمالي. بل إنها مشكلة طبية تزيد من عوامل خطر الإصابة بالكثير من الأمراض والمشكلات الصحية الأخرى. وقد يتضمن هذا مرض القلب وداء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الكولستيرول وأمراض الكبد وانقطاع النفس النومي وبعض أنواع السرطان.
وهناك الكثير من الأسباب التي تجعل البعض يواجهون صعوبة في إنقاص الوزن. وتنتج السمنة عادةً عن عوامل وراثية وفسيولوجية وبيئية، بالإضافة إلى اختيارات النظام الغذائي والنشاط البدني وممارسة الرياضة. وعلى الرغم من وجود عوامل وراثية وسلوكية وأيضية وهرمونية تؤثر على وزن الجسم، فإن السمنة تحدث حين يستهلك الفرد عدد سعرات حرارية أكثر مما يحرقه خلال الأنشطة اليومية العادية والتمارين الرياضية. ويخزن الجسم هذه السعرات الحرارية الزائدة عن الحاجة على هيئة دهون.
وتحتوي الأنظمة الغذائية لمعظم سكان الولايات المتحدة على قدر أكبر من اللازم من السعرات الحرارية التي تأتي غالبًا من الوجبات السريعة والمشروبات مرتفعة السعرات الحرارية. ويمكن أن يتناول المصابون بالسمنة كمّا أكبر من السعرات الحرارية حتى يشعروا بالشبع، أو يشعرون بالجوع بسرعة أكبر، أو يتناولون طعامًا أكثر بسبب التوتر أو القلق.
ويَشغل الكثير من الأشخاص المقيمين في الدول الغربية وظائف ذات متطلبات بدنية قليلة للغاية، ولذلك فإنهم في الغالب لا يحرقون قدرًا كبيرًا من السعرات الحرارية أثناء العمل. وحتى الأنشطة اليومية تستهلك قدرًا أقل من السعرات الحرارية بسبب وسائل الراحة كأجهزة التحكم عن بُعد والسلالم المتحركة ومواقع التسوق الإلكتروني وخدمات المطاعم والمصارف التي تُقدم للعملاء داخل سياراتهم.