أزمة المناخ لم تعد تحتمل المماطلة

قادة العالم يجتمعون مجددا بحثا عن حل لارتفاع حرارة الأرض.
الثلاثاء 2022/06/07
حق العيش في بيئة نظيفة

تتوالى الاجتماعات والمؤتمرات التي تبحث عن حل لأزمة التغيرات المناخية المتسارعة إلا أن السياسيين ورغم إدراكهم لحجم ما وصل إليه الوضع المناخي لا يزالون يتفنّنون في إصدار القرارات دون تطبيقها فعليا على أرض الواقع، لذلك يبدو الحد من ارتفاع حرارة الأرض هدفا مستحيلا حاليا في وقت ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض حتى الآن بحدود 1.1 درجة مئوية.

باريس – يلتقي ممثلو حوالى مئتي دولة اعتبارا من الإثنين في بون لبحث سبل تعزيز مكافحة الاحترار ومفاعيله المدمرة وإقرار وتوسيع المساعدة للفئات الأكثر هشاشة، سعيا لإعطاء دفع للمؤتمر المقبل حول المناخ المقرر عقده في نوفمبر بمصر.

بعد ستة أشهر على مؤتمر المناخ “كوب 26” الذي عقد في غلاسكو وأكد على هدف الحد من ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية، وهو هدف يبدو مستحيلا حاليا في وقت ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض حتى الآن 1.1 درجة مئوية مقارنة بمستوى عصر ما قبل الصناعة، ستسعى هذه “الجولة المرحلية” من المفاوضات حول البيئة إلى الحفاظ على التقدم الطفيف الذي حققه المؤتمر.

وسيكون أيضا فرصة لاختبار تصميم الدول التي تواجه مجموعة من الأزمات، بما في ذلك تصاعد التأثيرات المناخية، والتوترات الجيوسياسية، والتهديد بحدوث أزمة غذاء عالمية مدمرة.

من الضروري أن تصل الدول إلى اجتماع الأمم المتحدة "كوب 27" وهي مستعدة لإظهار أنها تتخذ خطوات جريئة وملموسة

وقالت رئيسة وكالة الأمم المتحدة للمناخ التي تتخذ مقرا في المدينة الألمانية باتريسيا إسبينوزا قبل انعقاد الاجتماع “تغير المناخ ليس جدول أعمال يمكننا تحمله للتراجع عن جدولنا العالمي”. وأضافت، “إننا بحاجة إلى قرارات وخطوات الآن ويعود لكل البلدان أن تحقق تقدما في بون”.

وبيّنت أنه من الضروري أن تصل الدول إلى اجتماع الأمم المتحدة “كوب 27” المقرر إقامته في شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر، وهي مستعدة لإظهار أنها تتخذ خطوات جريئة وملموسة، مدعومة بخطط محددة، لتحقيق طموح مناخي عاجل وتحولي يجب أن نراه قبل أن نقول “لقد فات الأوان”.

وأكدت وكالة «سي إن أيه» الآسيوية، أن الحكومات أدركت بالفعل أن تغير المناخ يمثل تهديدًا خطيرًا للبشرية والكوكب، ودعت إلى اتخاذ إجراءات فورية لخفض انبعاثات الوقود الأحفوري والاستعداد للتأثيرات المتسارعة للاحترار.

وتابعت أن موجز تقرير المناخ التاريخي لهذا العام من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ خلص إلى أن أي تأخير إضافي في العمل سيفوت فرصة قصيرة وسريعة الانغلاق لتأمين مستقبل صالح للعيش ومستدام للجميع.

وأضافت أنه مع استمرار الأمور كما هي اليوم، من غير المرجح أن يكون العالم قادرًا على الوفاء بالتزام اتفاقية باريس للمناخ بالحد من ارتفاع درجات الحرارة أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.

نحترق على وجه الأرض
نحترق على وجه الأرض

وقبل أشهر قليلة من مؤتمر “كوب 27” المقبل بين 7 و18 نوفمبر في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، لا تزال بعض النقاط عالقة.

وفي طليعة هذه النقاط خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب في الاحترار. وطلب اتفاق غلاسكو من الأطراف “إعادة النظر وتعزيز” أهدافها للعام 2030 “للتماشي مع أهداف اتفاق باريس لخفض درجة الحرارة بحلول نهاية العام 2022”.

وشهد اتفاق باريس الذي أبرم في العام 2015 ويشكل حجر الأساس في مكافحة التغيّر المناخي، موافقة الدول الموقعة على حصر الاحترار بـ”أقل بكثير” من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، و1.5 درجة إذا أمكن.

إلا أن دولا كثيرة لا تلتزم بتعهداتها الحالية التي تجعل بالأساس أهداف باريس مستحيلة، برأي خبراء الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ.

ويرى الخبراء أن العالم يتبع حاليا مسارا كارثيا مقدرين أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية. ولم تقدم سوى دول قليلة التزامات جديدة بالأرقام.

ويتعين بالتالي إنعاش الجهود من أجل أن يفضي مؤتمر المناخ في شرم الشيخ إلى “تدابير جريئة وملموسة مدعومة بخطط محددة” من أجل تحقيق التغير الضروري “قبل أن يفوت الأوان”، على حد قول إسبينوزا.

وقال مدير معهد البحث حول وطأة التغير المناخي في بوتسدام يوهان روكسروم أن هناك في الوقت الحاضر “فصلًا بين الأدلة العلمية على أزمة عالمية ترتسم مع وطأة لا يمكن تصورها على المناخ، وقلة التحرك”.

ومن الملفات الساخنة التي ستطرح في بون المساعدة التي يترتب على الدول الغنية التي غالبا ما تكون مسؤولة عن أعلى انبعاثات للكربون، تقديمها للدول الفقيرة التي تتحمل قدرا أقل من المسؤولية عن الاحترار لكنها غالبا ما تكون في الصفوف الأمامية لمواجهة مفاعيله.

Thumbnail

ولم تتحقق حتى الآن الوعود التي قطعتها الدول الغنية في 2020 بتقديم مساعدات بمقدار مئة مليار دولار في السنة للدول الفقيرة لمواجهة تحديات التغير المناخي. وفي مواجهة تزايد موجات الجفاف والفيضانات والحرائق وارتفاع مستوى مياه المحيطات، بات الملف المطروح على طاولة المفاوضات يتعلق بتمويل محدد عن “الخسائر والأضرار” الناجمة عن الكوارث التي لم يعد بالإمكان تفاديها.

ورفضت الدول الغنية هذا الطلب في غلاسكو وتم التوصل أخيرا إلى تسوية تقضي بإنشاء إطار “حوار” حتى العام 2024 لـ”مناقشة سبل التمويل”.

غير أن الريبة لا تزال قائمة. وحذر تحالف الدول الجزرية الصغيرة مطالبا بوضع “رؤية واضحة تحدد متى وكيف يطبق التمويل المحدد للخسائر والأضرار”.

واعتبر ماغنوس بنزي الباحث في معهد ستوكهولم للبيئة أنه من الأساسي أن تتوصل الأطراف إلى وضع رد شامل وقال “علينا الربط بين المخاطر المعممة التي يواجهها العالم ومنها مخاطر أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن التغير المناخي” والتي ظهرت بوادرها مع النزاع في أوكرانيا، لكنه أضاف محذرَا “سوف نفوت هذه الفرصة إذا طرحنا فقط مسألة التكيف من منظار ‘نحن’ أو ‘هم'”.

18