أزمة الإعفاء من الخدمة العسكرية تضغط على نتنياهو

أكثر رجال الحريديم لا يؤدون الخدمة العسكرية، ما يشعر الكثير من العلمانيين بأنه يفاقم الانقسامات الاجتماعية.
الأحد 2024/03/31
هل يتخلى نتنياهو عن حلفائه

القدس - تعارض الأحزاب اليهودية المتشددة الضغوط لإلغاء الاستثناءات الممنوحة لطلاب المعاهد الدينية من الخدمة العسكرية، في الوقت الذي يكافح فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحفاظ على تماسك الائتلاف الحكومي وتقسيم أعباء الحرب بين أطياف المجتمع بشكل عادل. ومع اقتراب انقضاء المهلة المتاحة للحكومة اليوم الأحد لوضع تشريع لحل خلاف قائم منذ عقود بسبب هذه القضية، تقدم نتنياهو في اللحظات الأخيرة بطلب إلى المحكمة العليا لتمديد المهلة 30 يوما.

وفي ما يبدو أنه احتواء للمسألة، منحت المحكمة العليا مسؤولي الحكومة مهلة حتى يوم السبت (أمس) لتقديم حجج إضافية. لكن، وفي حكم مؤقت، قضت المحكمة أيضا بتعليق الدعم الحكومي الممنوح لطلاب المؤسسات الدينية اللائقين للتجنيد اعتبارا من الاثنين المقبل. وترتكز معارضة الحريديم للانضمام إلى الجيش على إحساسهم القوي بالهوية الدينية، وهو شعور تخشى الكثير من الأسر أن يضعف بفعل الخدمة في الجيش.

ويؤدي بعض رجال الحريديم الخدمة العسكرية، لكن أكثرهم لا يؤدونها، وهو شيء يشعر الكثير من العلمانيين الإسرائيليين بأنه يفاقم الانقسامات الاجتماعية. ولا يعمل الكثير من رجال الحريديم لكسب المال، لكنهم يعيشون على التبرعات والمزايا الحكومية وعلى أجور زوجاتهم اللائي يعمل الكثير منهن غالبا بأجور زهيدة. ويعيش اليهود الحريديم في الغالب في أحياء يغلب عليها السكان المتدينون ويكرسون حياتهم لدراسة الدين.

◙ معارضة الحريديم للانضمام إلى الجيش ترتكز على إحساسهم القوي بالهوية الدينية، وهو شعور تخشى الكثير من الأسر أن يضعف بفعل الخدمة في الجيش

وبالنسبة إلى العلمانيين الإسرائيليين الملزمين بالخدمة في الجيش والذين تسهم ضرائبهم في دعم الحريديم، فإن الإعفاءات تثير لديهم شعورا بالاستياء منذ فترة طويلة. وتزايد هذا الاستياء في الأشهر الستة بعد اندلاع الحرب في غزة. وينظر الكثير من الإسرائيليين إلى الحرب على حماس على أنها معركة وجودية من أجل المستقبل. وانضم نحو 300 ألف من قوات الاحتياط إلى القتال. وتشير استطلاعات الرأي إلى وجود تأييد شعبي واسع للغاية لإلغاء إعفاء الحريديم من التجنيد.

وبالنسبة إلى نتنياهو، فإن المخاطر كبيرة. فمع أن الرأي العام يبدو مؤيدا لإلغاء الإعفاء، فإن حكومته تضم حزبين دينيين يمكن أن يؤدي انسحابهما من الائتلاف إلى إجراء انتخابات جديدة تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو سيخسرها.

والخميس، ندد الحزبان، وهما حزب يهودية التوراة المتحدة وحزب شاس، بالحكم الأخير الصادر عن المحكمة العليا وتعهدا بمكافحته، إلا أنهما لم يهدّدا بشكل صريح حتى الآن بالانسحاب من الحكومة. ومن ناحية أخرى، يريد حلفاء وزير الدفاع يوآف غالانت، بما في ذلك بيني غانتس المنتمي إلى تيار الوسط، أن يؤدي المزيد من الإسرائيليين الخدمة العسكرية لتقاسم العبء على نطاق أوسع. وغانتس هو جنرال سابق في الجيش ويحتل مركز الصدارة ليصبح رئيسا للوزراء إذا أُجريت الانتخابات.

وقال غالانت في الآونة الأخيرة إن أيّ قانون تجنيد جديد سيحتاج إلى دعم جميع الأطراف، مشيرا إلى أنه سيعارض أيّ تشريع يبقي على الإعفاء. وطلب نتنياهو من المحكمة العليا الخميس تأجيل ردّها مجدّداً بشأن مسألة تجنيد اليهود المتشدّدين، بهدف السماح للحكومة بالتوصّل إلى اتفاق بشأن هذه القضية الشائكة التي تُضعف ائتلافه اليميني.

وكانت المحكمة العليا قد منحت الحكومة في الواقع حتى الأربعاء لصياغة اقتراح مفصل لمشروع قانون بعد أن تلقت العديد من الالتماسات المطالبة بالتجنيد الفوري لليهود المتشددين تماشيا مع القوانين التي تساوي بين المواطنين. وطلب نتنياهو في رسالة وجّهها إلى المحكمة العليا، تأجيلاً لمدّة ثلاثين يوماً، مشيراً إلى “ظروف تتعلّق بجهود الحرب”، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه.

وقال إنّ “مسألة الواجبات المتساوية لها أهمية قصوى بالنسبة إلى المجتمع الإسرائيلي”، مضيفاً أنّ الأمر يحتاج “إلى وقت أطول قليلاً للتوصّل إلى اتفاق” بشأن هذه القضية. وقالت المدعية العامة غالي بهراف ميارا التي يتمثل دورها في تقديم المشورة للحكومة بشأن القضايا القانونية وتمثيلها أمام المحاكم، الخميس، إنه في غياب قانون يسمح بتأجيل التجنيد “ابتداءً من الأول من أبريل” لن يكون من الممكن أن “يستمرّ طلاب المدارس التلمودية في تجنّب إجراءات” أداء الخدمة العسكرية.

◙ بالنسبة إلى العلمانيين الإسرائيليين الملزمين بالخدمة في الجيش والذين تسهم ضرائبهم في دعم الحريديم فإن الإعفاءات تثير لديهم شعورا بالاستياء

ويعتمد ائتلاف نتنياهو إلى حد كبير على التحالف مع الحزبين الرئيسيين المتشددين، شاس ويهدوت هتوراه، اللذين يعارضان بشدة تجنيد الحريديم، وفي حال انسحابهما منه ستسقط الحكومة. وفي مايو 2023، صوتت الحكومة لصالح ميزانية غير مسبوقة من نحو مليار يورو (3.7 مليار شيكل) للمدارس الدينية التلمودية (يشيفوت).

وأيد هؤلاء مشروع بنيامين نتنياهو الإصلاحي القضائي المثير للجدل، مقابل دعمه لمشروع قانون كان من المقرر مناقشته في البرلمان قبل الحرب بشأن استمرار تأجيل تجنيد الحريديم. ولكن في نهاية شهر فبراير، تحدى وزير الدفاع رئيس الوزراء بالإعلان عن إصلاح الخدمة العسكرية بهدف شمول الحريديم، وطالب الحكومة بأكملها بدعم هذا الإصلاح.

وتستمر الخدمة العسكرية 32 شهرًا للرجال وسنتين للنساء وهي إلزامية للشباب الإسرائيليين، لكن جميع اليهود المتشددين تقريبًا معفون منها، وذلك بفضل اتفاق يتيح للشباب الدراسة بدوام كامل في المدارس التلمودية لتأجيل خدمتهم العسكرية كل عام. وتُعفى النساء المتدينات الشابات تلقائيًا. ومنذ أن أبطلت المحكمة العليا الإسرائيلية عام 2012 القانون المعروف باسم “تال” وسمح بمثل هذا الاتفاق، استمرت الإعفاءات، من خلال اتفاقيات وُقعت بين الحكومات المتعاقبة وأحزاب الحريديم.

ويشكل اليهود المتشددون حوالى 14 في المئة من السكان اليهود في إسرائيل، وفقا لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، أو ما يقرب من 1.3 مليون شخص. ويستفيد نحو 66 ألف شاب يهودي متدين في سن الخدمة العسكرية من هذا التأجيل، بحسب أرقام الجيش. وفي عام 1948، عند إنشاء دولة إسرائيل، تم إعفاء الحريديم الذين يدرسون بدوام كامل في معاهد الدراسات التلمودية من الخدمة العسكرية. في ذلك الوقت، كان الهدف هو تمكين نخبة مكونة من 400 شاب من الحفاظ على نخبة من خبراء النصوص المقدسة التي قضى الكثير من أفرادها خلال المحرقة. ويطالب معظم الحريديم بالحفاظ على هذا الإعفاء لجميع الطلاب، معتبرين أن الجيش لا يتوافق مع قيمهم.

5