أردوغان يلمّح إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا

خبراء يرون تركيا التي تنحو باتجاه حكم استبدادي تتحول إلى نسخة "سنية" من إيران.
الأربعاء 2019/03/20
التأسيس لدولة القمع

أنقرة - صعّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من غضب نيوزيلندا تجاهه بتصميمه على استغلال العملية الإرهابية التي طالت مسجدين في كرايستشيرش في حملاته الانتخابية، ووصل به الأمر إلى التدخل في ما اعتبرته نيوزيلندا شأنا داخليا، عندما دعا السلطات في هذا البلد إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام لتطبيقها على المسلح المتطرف الذي قتل 50 شخصا، محذرا من أن تركيا ستجعل المهاجم يدفع ثمن جريمته إن لم تفعل نيوزيلندا.

ومستغلا فورة الغضب مما حدث في كرايستشيرش، ألمح أردوغان، خلال خطابه الشعبوي أمام حشد انتخابي في شمال تركيا، إلى إمكانية إعادة تفعيل العمل بعقوبة الإعدام، حيث أشار إلى أن بلاده أخطأت في إلغاء عقوبة الإعدام قبل 15 عاما.

وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء التركية “بالنسبة لي، لقد أخطأنا حين ألغينا عقوبة الإعدام، إذ يصعب عليّ أن أرى الذين تسببوا في مقتل 251 مواطنا ليلة المحاولة الانقلابية (15 يوليو 2016) وهم أحياء في السجون تتم تلبية احتياجاتهم، حتى ولو كانت عقوبتهم السجن المؤبد”.

وكان أردوغان قد هدّد مرارا وتكرارا بإعادة تطبيق حكم الإعدام في حق المشاركين في محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف العام 2016، إذا ما قام البرلمان بتمرير قانون في ذلك، كأمر غير مباشر منه للبرلمان الذي يشكّل تحالف الأمة، المكون من حزبه العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية، الغالبية فيه من أجل البدء بمناقشته والتوصية بإقراره.

وكما حدث في الانتخابات التركية التي تم تقديمها بناء على مقترح تقدم به دولت بهجلي؛ رئيس حزب الحركة القومية المتحالف مع العدالة والتنمية، والذي يستحوذ على الأغلبية النيابية معه، فإن هناك خشية من تمرير قانون يعيد العمل بعقوبة الإعدام في تركيا.

استغلال واضح لهجوم نيوزيلندا
استغلال تركي واضح لهجوم نيوزيلندا

ومن شأن الإقدام على خطوة إعادة العمل بعقوبة الإعدام وضع نهاية لمحاولات تركيا لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي الذي يرفض عقوبة الإعدام. كما أنها تساهم في تكريس المزيد من الانقسام الداخلي في تركيا، ذلك أن هذه الخطوة تثير المخاوف من تحويل القانون إلى أداة قمعية عنيفة بيد الرئيس أردوغان للتنكيل بمعارضيه وتصفيتهم تحت ستار القانون.

وتلخص الكاتبة والصحافية التركية بيهتار أوكوتان الوضع في بلادها بقولها إن مهمة طي سجل الجمهورية وصلت مراحلها الأخيرة؛ فقد بلغ الأمر حد الإفصاح عن نية التلاعب بالمواد التي لا يمكن تغييرها في الدستور التركي، ولكن البلاد تبدو مثقلة ومنهكة مثل مريض ينازع الموت تقريبا.

وتضيف أوكوتان قائلة إنه من المحتمل ألا يكون هناك شيء اسمه حزب العدالة والتنمية عند إتمام مشروع القضاء على الجمهورية، وتغيير النظام. وجميع العناصر المدنية سوف تسلم بيد حزب العدالة والتنمية إلى “المؤسسين” الجدد وقد تم تمزيق كل آليات الدولة للتفتيش والوقاية والحماية. وستظل أيدي هؤلاء المؤسسين نظيفة لم تُلوّث. ومن يدري ربما أنهم سيظهرون على الساحة متقمصين دور المنقذ.

وتشهد تركيا الكثير من التغييرات التي تنحو بها باتجاه حكم استبدادي، بحسب ما يحذّر معارضون للرئيس التركي، الذي يوصف بأنه يقود تركيا إلى حكم فردي، وبخاصة بعد تعزيز سلطاته في ظل النظام الرئاسي الجديد الذي انتقلت إليه البلاد بعد انتخابات 24 يونيو الماضي.

ويذهب البعض إلى القول إن الطريق الذي تسير فيه تركيا اليوم سيحولها إلى نسخة “سنية” من إيران من حيث القمع وقبضة السلطة، ذات الخلفية الدينية، على الدولة وغياب حرية التعبير والإعدامات بحق كل من يعارض النظام بقيادة أردوغان.

6