أردنيون يسعون لحماية "الغابة العذرية" في جرش

معوقات وتحديات تواجه الثروة الحرجية التي تحتل مساحة ضيقة من المملكة.
الثلاثاء 2023/05/30
استمتع بالغابة وحافظ عليها

تواجه الغابات في الأردن العديد من التحديات كالحرائق والزحف العمراني والتحطيب الجائر ما دفع مجموعة من الأردنيين يعدّون على أصابع اليد في جرش لحماية الغابة في منطقتهم بتهيئة منتزه يستمتع فيه الزوار بجمال الطبيعة ويهدف في نفس الوقت إلى حماية أشجار الغابات.

جرش(الأردن) ـ تواجه الغابات في الأردن العديد من التحديات مثل الجفاف والحرائق والاعتداءات والزحف العمراني الذي يهدد مساحتها حتى باتت لا تتجاوز نسبة 1 في المئة من المساحة الإجمالية للمملكة.

ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه اجتمع أحمد العياصرة (48 عاما) وعدد من أصدقائه في محافظة جرش شمال الأردن، حيث ينفذون منذ نحو عام مبادرة شخصية بلا مقابل تهدف إلى حماية أشجار الغابات.

العياصرة وآخرون من أبناء مدينته “ساكب” بجرش وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، التقوا على هدفٍ أرادوا من خلاله حماية أشجار حرجية في منطقة قريبة منهم تُسمى “وديان الشام”، كي يحافظوا على غابة مليئة بالأشجار الحرجية المعمرة باتت من نوادر الأماكن التي لم تتعرض لاعتداءات جائرة، حتى باتوا يسمونها بـ”الغابة العذرية” الوحيدة.

وتتعرض الغابات  في العديد من مناطق محافظة عجلون وجرش للتهديد من خلال التقطيع الجائر ونشوب الحرائق.

العقوبات غير الرادعة بحق المخالفين والمعتدين على الثروة الحرجية في الغابات يترتب عنها ازدياد حجم الاعتداءات على الغابات

وأكد عدد من المهتمين بالشأن البيئي أهمية وضع الجهات المعنية الخطط والإجراءات الاحترازية للحد من حرائق الغابات وإزالة الأعشاب الجافة التي تعتبر وقودا لسرعة انتشار النيران وخاصة في فصل الصيف الذي تنشط فيه الحركة السياحية للتمتع بالأجواء الطبيعية .

ومن أهم المشكلات التي يواجهها الغطاء النباتي في الأردن تعاقب سنوات الجفاف والرعي الجائر بالإضافة إلى التحطيب لغاية الاتجار بالأخشاب واستخدامها للتدفئة.

وقبل نحو عام، قرر العياصرة وشركاؤه أن يستثمروا قطعة أرض يملكها أحدهم كي تصبح أشبه بمخيّم يتيح لزائره الاستمتاع بخضرة تلك الأشجار وممارسة رياضة المشي.

وتتنوع الأشجار ومن بينها السنديان والبلوط والصنوبر الحلبي والقيقب والنبق وقد تجاوزت أعمارها القرون وهي ما يغطي الغابة بأكملها، وبمتابعتها يستمتع الزائر بلوحة طبيعية جمالية، وهي مدعاة لـ”غسل الهموم المتراكمة لظروف الحياة اليومية والتفكير السلبي”، كما تحدث العياصرة.

الحذر من الحرائق
الحذر من الحرائق

وقال إن الفكرة “بدأت بتهيئة هذا المكان منذ العام الماضي، بمعية أربعة من الإخوة الآخرين، وقررنا أن تكون البداية بمساحة دونم واحد من أصل كامل القطعة وهي 5 دونمات و800 متر مربع.

وخشية من نسيانه لأساس الموضوع وانطلاقته، توقف العياصرة لحظة ليلخّص سردا طويلا بقوله، “هوايتي أن أكون بين هذه الغابات وأحافظ عليها”.

وأضاف “هذه الغابة التي تراها هي الغابة العذرية الوحيدة بالمملكة، ولم يسبق أن تعرضت لأيّ اعتداءات، ونحن بهذا المكان نواصل الحفاظ عليها وعلى تنوعها الطبيعي”.

ويستطرد قائلا “على أشجارها وبين أغصانها تعيش طيور الصّفر والحسون النادرة، فضلا عن احتواء الغابة على شجر الملّول، وهو نوع من السنديان المهدد بالانقراض”.

وبلسان العاشق للطبيعة، مضى موضحا خصائص الغابة، “بعض الشجر فيها إذا ذهب وقطع، سيكون سببا لموت أنواع أخرى، فهو بمثابة الحامي لها من أشعة الشمس ويحافظ على خضرتها وبقائها، وهنا يتحقق التوازن الطبيعي”.

وتابع “لا نهدف من إنشاء هذا المكان، والذي نحاول فيه توفير بعض المرافق الهامة لإقامة الناس واستمتاعهم، إلى تحقيق أيّ مكاسب مادية”.

واستدرك “الجلوس بالمكان واستخدام ما يحتويه من خيام وبعض المعدات التي يحتاجها الزوار في جولاتهم، متاحة للجميع دون استثناء وبلا أيّ مقابل، فكل ما نسعى إليه هو إدامة المكان وحمايته من أي اعتداء على أشجاره”.

Thumbnail

وأردف العياصرة “نحن نسترجع مع زائر المكان بعض ذكريات الماضي، والتي لا يعلمها إلا كبار السن، فهذا الممر بالأسفل كان طريقا تجاريا يبدأ من تركيا ويصل إلى فلسطين”.

وقال نجيب علي (38 عاما)، وهو أحد الزوار، إن المكان “يتيح لك فرصة الخلوة مع نفسك داخل هذه الطبيعة الخلابة وبعيدا عن الزحف العمراني”.

وأضاف “بصراحة، فكرة الشباب بإقامة هذا المكان هي فكرة نبيلة وتستحق الاحترام والدعم، خاصة وأن معظمهم بلا عمل وباحثون عنه، وكل ما يهدفون إليه حماية الطبيعة والحفاظ عليها”.

وتشير الدراسات إلى أن الملكيات الفردية داخل حدود الغابات تشكل تحديا، حيث أن أغلب الغابات في الأردن وخصوصا الغابات الاصطناعية تقع على مساحات متقطعة، ويقوم أصحاب تلك الملكيات الخاصة بالتخلص من مخلفات مزارعهم عن طريق حرقها في تلك الغابات ما يسبب في أحيان كثيرة الحرائق.

وتبلغ مساحة الغابات الطبيعية والصناعية والغابات ذات الملكية الخاصة في الأردن نحو 378 ألف دونم و46 ألف دونم و60 ألف دونم على التوالي.

Thumbnail

وبينت الدراسات أن المعوقات والتحديات التي تواجه قطاع الغابات في الأردن تتمثل بانخفاض مساحة الغابات بشكل كبير بالنسبة إلى مساحة المملكة بسبب ضعف كفاءة معالجة حرائق الغابات لنقص المراكز المتطورة للمكافحة، والنقص في البنية التحتية كأبراج المراقبة وطرق منع الحرائق في الغابات ونقص الكوادر، وضعف كفاءة مشاريع تطوير وحماية الثروة الحرجية في الغابات بسبب نقص الموارد المالية والبشرية والبنية التحتية الملائمة لتنفيذ هذه المشاريع. وفشل العديد من مشاريع التحريج المنجزة بسبب عدم توفر مياه الري لهذه المشاريع.

وأشارت إلى أن العقوبات المخففة غير الرادعة التي تفرض بحق المخالفين والمعتدين على الثروة الحرجية في الغابات وعدم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في قانون الزراعة يترتب عنه ازدياد حجم الاعتداءات على الثروة الحرجية، إضافة إلى عدم وجود محاكم حرجية متخصصة بالقضايا المتعلقة بالثروة الغابية، وعدم الاستغلال الأمثل للمياه المعالجة المتدفقة من محطات التنقية في تطوير الثروة الحرجية.

ولا تتجاوز الغابات نسبة 1 في المئة من المساحة الإجمالية للمملكة، بحسب ما أعلنه وزير الزراعة خالد الحنيفات في تصريحات سابقة.

وقال الحنيفات آنذاك، إن الوزارة نفذت خلال الفترة الماضية مشاريع تحريج عديدة مدرجة على الخطة الزراعية المستدامة (2022 – 2025) لزيادة مساحة الغابات.

16