أدوية مخصصة للسكري تعزز صحة القلب

توصل باحثون من جامعة غلاسكو البريطانية إلى أن أدوية جديدة لداء السكري يمكن لها أن تقلل مخاطر أمراض القلب والسكتات الدماغية، خصوصا لدى كبار السن. وتعرف هذه الأدوية بمثبطات "أس جي أل تي2" وتشمل "إمباغليفلوزين" و"داباغليفلوزين"، وهما دواءان يساعدان الكلى على التخلص من السكر الزائد ويقللان احتمالات الإصابة بقصور القلب.
لندن ـ وجدت دراسة حديثة أن بعض أدوية السكري التي تخفض مستويات السكر في الدم، قد تقلل أيضا من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، خصوصا لدى كبار السن.
تركز الدراسة على فئة من الأدوية تعرف باسم مثبطات ناقل الجلوكوز الصوديوم “أس.جي.أل.تي2” والتي تشمل عقاري “إمباغليفلوزين” و”داباغليفلوزين”، حيث تساعد هذه الأدوية الكلى على التخلص من السكر الزائد، ما يساهم في تحسين إدارة المرض. وإلى جانب دورها الأساسي في خفض مستويات السكر في الدم، أثبتت هذه الأدوية أنها توفر فوائد صحية إضافية، مثل تقليل خطر الإصابة بقصور القلب وإبطاء تقدم أمراض الكلى.
وفي يونيو 2021، كشفت صحيفة “ميل أون صنداي” عن نتائج تجربة أجرتها جامعة ليدز، أظهرت أن استخدام “إمباغليفلوزين” لدى مرضى السكري من النوع الثاني قد يعزز صحة القلب.
وفي السياق ذاته، جاءت الدراسة الأحدث التي أجراها باحثو جامعة غلاسكو، حيث حللوا بيانات 300 ألف مريض، مستندين إلى تحليل تلوي شمل 600 تجربة لأدوية السكري حول العالم.
وخلصت الدراسة إلى أن مثبطات “أس.جي.أل.تي2” ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية لدى كبار السن، مقارنة بأدوية السكري الأخرى.
أطباء يؤكدون أن اختيار العلاجات المناسبة لكبار السن يتطلب موازنة دقيقة بين الفوائد والمخاطر
وفي تعليقه على نتائج البحث، قال الدكتور بيتر هانلون، زميل الأبحاث السريرية في جامعة غلاسكو، “يتطلب اختيار العلاجات المناسبة لكبار السن موازنة دقيقة بين الفوائد والمخاطر. ونتائجنا التي أظهرت انخفاض معدل النوبات القلبية والسكتات الدماغية بفضل هذه الأدوية تعد مشجعة للغاية. لا ينبغي أن يكون العمر وحده عائقا أمام الحصول على علاجات ذات فوائد مثبتة، طالما أنها جيدة التحمل ومتوافقة مع أولويات المرضى.”
ومثبطات “أس.جي.أل.تي2” هي فئة من الأدوية المستخدمة لعلاج مرض السكري من النوع الثاني. وتسمى أيضا مثبطات بروتين نقل الجلوكوز الصوديوم 2 أو الجليفلوزين.
وتمنع مثبطات “أس.جي.أل.تي2” إعادة امتصاص الجلوكوز من الدم الذي يتم ترشيحه عبر الكليتين، مما يسهل إفراز الجلوكوز في البول. هذا يساعد على خفض مستويات السكر في الدم.
وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أربعة أنواع من مثبطات “أس.جي.أل.تي2” لعلاج مرض السكري من النوع الثاني وهي:
- كاناجليفلوزين (إينفوكانا)
- داباجليفلوزين (فاركسيجا)
- إمباغليفلوزين (جارديانس)
- إرتوجليفلوزين (ستيجلاترو)
ويتم تطوير واختبار أنواع أخرى من مثبطات “أس.جي.أل.تي2” في التجارب السريرية.
وتؤخذ مثبطات “أس.جي.أل.تي2” عن طريق الفم، وهي متوفرة في شكل حبوب. إذا أضاف الطبيب مثبط “أس.جي.أل.تي2” إلى خطة العلاج الخاصة بالمريض، فسوف ينصحه بتناوله مرة أو مرتين في اليوم. وفي بعض الحالات، قد يصف الطبيب مثبط “أس.جي.أل.تي2” مع أدوية مرض السكري الأخرى. على سبيل المثال، يمكن دمج هذه الفئة من الأدوية مع الميتفورمين.
وقد تساعد مجموعة من أدوية السكري في الحفاظ على مستوى السكر في الدم ضمن النطاق المستهدف. من المهم تناول الجرعة المناسبة من كل دواء لمنع انخفاض مستوى السكر في الدم بشكل كبير.
عند تناول مثبطات “أس.جي.أل.تي2” بمفردها أو مع أدوية أخرى لمرض السكري، يمكن أن تساعد في خفض مستويات السكر في الدم، وهذا يقلل من فرص الإصابة بمضاعفات مرض السكري من النوع الثاني.
ووفقا لدراسة أجريت عام 2018 ونشرت في مجلة “ديابيتس كير”، أفاد العلماء بأن مثبطات “أس.جي.أل.تي2” قد تعزز أيضا فقدان الوزن وتحسينات متواضعة في ضغط الدم ومستويات الكوليسترول في الدم.
ووجدت مراجعة أجريت عام 2019 أن مثبطات “أس.جي.أل.تي2” كانت مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والنوبات القلبية والوفاة من أمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني وتصلب الشرايين.
ووجدت نفس المراجعة أن مثبطات “أس.جي.أل.تي2” قد تبطئ تقدم مرض الكلى. وتختلف الفوائد المحتملة لمثبطات “أس.جي.أل.تي2” من شخص إلى آخر، اعتمادا على تاريخهم الطبي. بدورهم توصل باحثون من جامعة هونغ كونغ، في دراسة حديثة، إلى أن أدوية جديدة للسكري من الممكن أن تقلل من مخاطر أمراض الكلى والجهاز التنفسي.
وأجرى الدراسة فريق بحثي من قسم علم الأدوية والصيدلة بكلية الطب بجامعة هونغ كونغ، واكتشف فيها أن مثبطات “أس.جي.أل.تي”، التي تُسمى أيضا الغليفلوزينات – وهي مجموعة من الأدوية التي تمنع إعادة امتصاص الجلوكوز في الكليتين وبالتالي تخفض سكر الدم – يمكن أن تقلل من مخاطر أمراض الكلى والجهاز التنفسي، بما فيها المراحل الأخيرة من مرض الكلى، وداء الانسداد الرئوي المزمن والالتهاب الرئوي.
وقدمت هذه الدراسات دليلا جديدا واقعيا على أن “أس.جي.أل.تي2” يمكن أن تمنح حماية إضافية لمرضى السكري من النوع الثاني، ويحتمل أن تكون بديلا أفضل لمثبطات “ثنائي ببتيديل ببتيداز – 4 أو جليبتينز التي تعد مجموعة أقدم من الأدوية الخافضة للجلوكوز.
وأظهرت التجارب السريرية خلال السنوات القليلة الماضية أن هذه الأدوية توفر، إلى جانب التحكم في نسبة السكر في الدم، حماية للقلب والأوعية الدموية والكلى للمرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني.
ولكن لم يتضح سابقا إن كانت هذه الأدوية الجديدة قادرة على توفير حماية أفضل للقلب والكلى مقارنة مع الأدوية الأقدم التي تتحكم في نسبة السكر في الدم، والتي تم وصفها للمرضى على نطاق واسع في السنوات الأخيرة مثل مثبطات ثنائي ببتيديل ببتيداز – 4.
لذلك تم إجراء هذه الدراسة لبحث أثر مثبطات “أس.جي.أل.تي2” على الكلى وتحديدا 4 حالات، وهي المراحل الأخيرة من مرض الكلى، والفشل الكلوي الحاد، وبيلة الألبومين (حالة مرضية يوجد فيها ألبومين الدم في البول) والانخفاض في معدل الترشيح الكبيبي.
وأجرى الفريق أيضا دراسة جماعية أخرى تبحث في ارتباط مثبطات “أس.جي.أل.تي2” بتقليل خطر داء الانسداد الرئوي والالتهاب الرئوي، لأنه ثبت أن هذه المثبطات تثبط تنشيط جين كرايوبايرين في الرئة الذي يؤدي تنشيطه إلى التهاب مجرى الهواء والربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، حسب ما تبيّن في بعض الدراسات على الحيوانات.