أدلة حول سبب إتلاف مرض الزهايمر لأجزاء معينة من الدماغ

واشنطن - كشفت دراسة أجراها باحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس عن أدلة على سبب تعرض أجزاء معينة من الدماغ بشكل خاص لتلف مرض الزهايمر.
ويعود الأمر إلى الجين “إيه.بي.أو.إي”، وهو أكبر عامل خطر وراثي لمرض الزهايمر. ووجدوا أن أجزاء الدماغ حيث يكون “إيه.بي.أو.إي” أكثر نشاطا هي المناطق التي تتعرض لأكبر قدر من الضرر.
وتساعد النتائج، التي نُشرت في “ساينس ترنزلايشن ميديسين”، في تفسير سبب اختلاف أعراض مرض الزهايمر أحيانا، وتسلط الضوء على جانب غير مدروس من المرض يشير إلى أن الآليات البيولوجية التي لم يتم اكتشافها قد تلعب دورا مهما في المرض.
وقال كبير الباحثين، الدكتور بريان جوردون، الأستاذ المساعد في علم الأشعة في معهد مالينكرودت بكلية الطب “هناك بعض الأشكال غير النمطية النادرة من مرض الزهايمر، والتي يصاب فيها الناس أولا بمشاكل في اللغة أو الرؤية بدلا من مشاكل الذاكرة”.
أجزاء الدماغ حيث يكون الجين "إيه.بي.أو.إي" أكثر نشاطا هي المناطق التي تتعرض لأكبر قدر من الضرر
وأضاف أنه “عندما تقوم بفحص أدمغتهم، فإنك ترى ضررا في مناطق اللغة أو المناطق الرؤيوية، وليس كثيرا في مناطق الذاكرة. وغالبا ما يتم استبعاد الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر غير النمطي من الدراسات البحثية لأن من الأسهل دراسة مجموعة يكون فيها لكل فرد نفس المجموعة من الأعراض. ولكن هذا التباين يخبرنا أن هناك أشياء مازلنا لا نفهمها حول كيف ولماذا يتطور مرض الزهايمر بالطريقة التي يحدث بها. وهناك سبب لتلف مناطق معينة من الدماغ وليس مناطق أخرى، ونحن لا نعرف ذلك السبب حتى الآن. وكل لغز نكتشفه مع هذا المرض يدفعنا أقرب إلى ما نحتاج إلى معالجته”.
ويبدأ مرض الزهايمر ببروتين في المخ يعرف باسم أميلويد بيتا. ويبدأ البروتين في التكوّن كلويحات قبل عقدين أو أكثر من ظهور العلامات الأولى للمشاكل العصبية. وبعد سنوات من تراكم الأميلويد، يبدأ تشابك بروتين تاو، وهو بروتين دماغي آخر، في التكون.
وبعد فترة وجيزة، تبدأ الأنسجة في المناطق المصابة بالذبول والموت، ويبدأ التدهور المعرفي.
ولفهم سبب حدوث تلف دماغ الزهايمر في مكان حدوثه، درس جوردون وزملاؤه، بمن فيهم المؤلف الأول أيلين دينسر، وهو فني في مختبر جوردون، 350 شخصا تطوعوا لدراسات الذاكرة والشيخوخة من خلال مركز أبحاث تشارلز إف وجوان نايت لأبحاث مرض الزهايمر في كلية الطب. وخضع المشاركون لمسح للدماغ حتى يتمكن الباحثون من قياس كمية وموقع لويحات الأميلويد وتشابكات تاو، وأحجام مناطق الدماغ المختلفة.
وقارن الباحثون أنماط كتل البروتين وتلف الأنسجة لدى المتطوعين بأنماط التعبير الجيني لـ”إيه.بي.أو.إي” والجينات الأخرى المرتبطة بمرض الزهايمر كما هو موضح في “ألين هيومن بران اتلاس”، وهي خارطة مفصلة للتعبير الجيني في الدماغ البشري تم تجميعها بواسطة معهد ألين لعلوم الدماغ.
وقال جوردون، وهو أيضا أستاذ مساعد في العلوم النفسية والدماغية “كان هناك تطابق وثيق بين المكان الذي ترى فيه تعبير ‘إيه.بي.أو.إي’ مرتفعا، وحيث ترى تشابك تاو وتلف الأنسجة. وليس فقط ‘إيه.بي.أو.إي’، إذا نظرت، على سبيل المثال، إلى أكثر من 20 جينا مرتبطة بمرض الزهايمر، يتم التعبير عنها جميعا في الفص الصدغي بأنماط متشابهة. وهناك شيء مختلف جوهريا حول هذه المناطق يجعلها عرضة لتلف دماغ الزهايمر، ومن المحتمل أن يكون هذا الاختلاف قد تحقق منذ الولادة ويتأثر بالوراثة لدى الشخص”.
ويحمل كل شخص نسخة من جين “إيه.بي.أو.إي”، ولكن الذين يحملون متغير “إيه.بي.أو.إي 4” يكونون أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر بنسبة تصل إلى 12 مرة عن عامة السكان، وفي سن أصغر.
ولطالما عرف باحثو مرض الزهايمر أن “إيه.بي.أو.إي 4” يزيد من تراكم أميلويد بيتا في أدمغة الناس.
وأظهر ديفيد هولتزمان أستاذ طب الأعصاب في “باربرا بيرتون” وروبن إم موريس الثالث أستاذ علم الأعصاب المتميز، وزملاؤهم، في أثناء دراسة الفئران التي تطور تشابك تاو ولكن ليس لويحات الأميلويد، أن البروتين “إيه.بي.أو.إي 4” يزيد أيضا من الضرر الناجم عن تاو، حتى من دون وجود الأميلويد.
ولتقييم تأثير المتغير العالي الخطورة لـ”إيه.بي.أو.إي” على تلف الدماغ المرتبط بتاو، صنف الباحثون المشاركين وفقا لمن يحمل المتغير العالي الخطورة أم لا، وقاموا بتحليل مجموعات البروتين والضمور في أدمغتهم.
وقال جوردون “من المرجح أن تبدأ ناقلات ‘إيه.بي.أو.إي 4’ في تراكم الأميلويد، ما يضعها على طريق الإصابة بمرض الزهايمر. ثم، لنفس الكمية من الأميلويد يحصلون على المزيد من تشابك تاو، ما يؤدي إلى المزيد من الضمور. إنها ضربة مزدوجة على الدماغ”.
وفي العمل المستقبلي، يخطط جوردون وزملاؤه لاستكشاف كيفية ارتباط أنماط التعبير الجيني بأنماط تلف تاو لدى المصابين بمرض الزهايمر غير النمطي.