أداة مبتكرة تحسن علاج ملايين المرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني

مكنت تقنية جديدة لعلاج مرضى السكري من النوع الثاني من خفض مستويات مؤشر مستوى السكر في الدم، ما يعكس تحسنا ملحوظا في التحكم بالغلوكوز. ويتوقع الخبراء أن هذا التحسن قد يؤدي إلى إطالة الفترة الزمنية التي يمكن للمريض خلالها الاعتماد على العلاج الحالي، ما يقلل الحاجة إلى إضافة أدوية جديدة أو جرعات أعلى للتحكم في المرض.
لندن - طوّر باحثو جامعة إكستر أداة مبتكرة يمكن أن تحسّن علاج الملايين من المرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني، عبر تحديد الدواء الأكثر فعالية لخفض مستويات الغلوكوز في الدم لكل مريض.
يعد التحكم في مستويات الغلوكوز في الدم أمرا بالغ الأهمية للحد من مخاطر مضاعفات السكري، إلا أن تحقيق هذا التوازن يشكّل تحديا، حيث لا يصل سوى ثلث المرضى إلى المستويات المستهدفة.
وحتى الآن، لم تكن هناك وسيلة دقيقة لاختيار العلاج الأمثل لكل مريض، وهو ما تسعى الأداة الجديدة إلى تغييره.
وتعتمد الأداة على تحليل بيانات طبية لمليون مريض في المملكة المتحدة، حيث تم ربط سجلات الأطباء العامين والمستشفيات، ثم اختبار دقتها باستخدام بيانات من التجارب السريرية. وأظهرت النتائج أن 18 في المئة فقط من المرضى كانوا يتلقون العلاج الأكثر فعالية لحالتهم.
◙ النموذج يخضع حاليا لاختبار سريري على 22500 مريض، تمهيدا لاعتماده في جميع أنحاء المملكة المتحدة والعالم
وأوضحت النماذج الحسابية أن استخدام الأداة الجديدة لاختيار الدواء الأكثر فعالية لكل مريض يمكن أن يساهم في خفض مستويات “إيتش.بي.أي 1 سي” (مؤشر لمتوسط مستوى السكر في الدم) بمقدار 5 مليمول خلال عام واحد في المتوسط، ما يعكس تحسنا ملحوظا في التحكم بالغلوكوز. والأهم من ذلك، أن هذا التحسن قد يؤدي إلى إطالة الفترة الزمنية التي يمكن للمريض خلالها الاعتماد على العلاج الحالي، ما يقلل الحاجة إلى إضافة أدوية جديدة أو جرعات أعلى للتحكم في المرض. كما يمكن أن يحد من مخاطر مضاعفات خطيرة مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية وأمراض الكلى.
ويخضع النموذج حاليا لاختبار سريري على 22500 مريض في أسكتلندا، تمهيدا لاعتماده في جميع أنحاء المملكة المتحدة والعالم، ما يفتح الباب لعصر جديد من العلاج الشخصي للسكري من النوع الثاني.
وقال جون دينيس، الأستاذ المساعد في جامعة إكستر وقائد الدراسة، “لقد طوّرنا نهجا شخصيا جديدا يمكن أن يفيد كل مريض مصاب بالنوع الثاني، سواء في المملكة المتحدة أو عالميا. للمرة الأولى، يمكن للمرضى تحديد أفضل علاج للحفاظ على مستويات السكر في الدم، ما يقلل خطر المضاعفات المرتبطة بالمرض.”
وأضاف أندرو هاترسلي، الأستاذ في الجامعة ذاتها، “الأداة قابلة للتنفيذ فورا دون أي تكلفة إضافية، إذ تعتمد على بيانات طبية روتينية مثل الجنس والوزن واختبارات الدم القياسية. نأمل أن يتم تطبيقها بسرعة لمساعدة المرضى حول العالم.”
وأكدت إليزابيث روبرتسون، مديرة الأبحاث في “ديباتيس يو كيو”، أن هذا الابتكار قد يكون أعظم تقدم في رعاية مرضى السكري منذ أكثر من عقد، إذ يوفر فرصة حقيقية لتحسين حياة الملايين.
وإذا أثبتت الأداة فعاليتها في الممارسة السريرية، فقد تمثل تحولا جذريا في علاج داء السكري من النوع الثاني، ما يساهم في تحسين النتائج الصحية للملايين من المرضى حول العالم.
وأُعلن عن هذا الاكتشاف خلال مؤتمر جمعية مرضى السكري في المملكة المتحدة 2025، ونشرت نتائجه في مجلة “ذا لنسيت”.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد أعلنت في اليوم العالمي لمكافحة داء السكري الذي يصادف يوم الرابع عشر من نوفمبر أن عدد المصابين بداء السكري من النوع الأول أو الثاني ازداد أكثر من أربعة أضعاف منذ عام 1990.
ووفقا للبحث المنشور في مجلة “ذا لنست” العلمية، بلغ عدد الأشخاص البالغين (أعمارهم 18 سنة وأكثر) المصابين بداء السكري في عام 2022 حوالي 828 مليون شخص. أي بزيادة قدرها 630 مليونا مقارنة بعام 1990. ومن عام 1990 إلى عام 2022 ارتفع معدل انتشار داء السكري في 131 دولة بين النساء و155 دولة بين الرجال. وأن الزيادة الكبيرة لوحظت في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في جنوب شرق وجنوب آسيا، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأميركا اللاتينية وحوض بحر الكاريبي.
واستنتج الباحثون أن في عام 2022 “كان أدنى معدل لانتشار داء السكري في أوروبا الغربية وشرق أفريقيا لكلا الجنسين، وفي اليابان وكندا بين النساء”، وكان أعلى معدل انتشار في بولنيزيا وميكرونيزيا، وبعض دول حوض بحر الكاريبي، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وكذلك في الباكستان وماليزيا. ولم يحصل 445 مليون بالغ (30 عاما وأكثر) على العلاج اللازم في عام 2022، أي بزيادة قدرها 3.5 مرة مقارنة بعام 1990. ومن جانب آخر خلال أعوام 1990 – 2022، زادت تغطية علاج مرض السكري في 118 دولة للنساء و98 دولة للرجال.
ولكن، لم تكن هناك زيادة في التغطية العلاجية في معظم بلدان أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، ومنطقة بحر الكاريبي، وبلدان جزر المحيط الهادئ، وجنوب شرق ووسط آسيا. فمثلا في بعض البلدان الأفريقية يتلقى العلاج أقل من 10 في المئة من المرضى، في حين حصل أكثر من 55 في المئة على العلاج في كوريا الجنوبية والعديد من البلدان الغربية ذات الدخل المرتفع وفي بعض بلدان وسط وشرق أوروبا، مثل روسيا وبولندا وجمهورية التشيك، كما لوحظت الزيادة في بعض بلدان أميركا اللاتينية، كوستا ريكا وتشيلي والمكسيك، وكذلك في الشرق الأوسط، الأردن والكويت وقطر.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن هذا هو “أول تحليل عالمي للإصابات بمرض السكري وعلاجها، شاركت فيه جميع البلدان”. وقد استخدم الباحثون في هذا العمل العلمي، الذي تم إعداده بمشاركة المنظمة، بيانات عن أكثر من 140 مليون شخص.