أخطر موسم قطاف الزيتون في ظل حرب غزة والاعتداءات في الضفة

الفلسطينيون في القطاع يتخوفون من سقوط صواريخ على رؤوسهم أثناء جني الزيتون، فيما يعاني المزارعون بالضفة من اعتداءات المستوطنين.
الأحد 2024/10/20
حضر الخوف وغاب الفرح في موسم القطاف

الزوايدة (الاراضي الفلسطينية) - يختلف موسم الزيتون في الأراضي الفلسطينية هذا العام عما سبقه، اذ يعاني من التبعات المدمّرة للحرب المتواصلة منذ عام في قطاع غزة، بينما يخشى مزارعون في الضفة الغربية المحتلة قطاف الأشجار في أراضيهم خشية التعرض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويقول رامي أبوأسعد المالك حقلا للزيتون في دير البلح وسط قطاع غزة "نفرح عندما يبدأ موسم الزيتون ولكننا خائفون في الوقت نفسه لأنها حالة حرب".

ويعدّ الزيتون وأشجاره ركنا أساسيا في الهوية الثقافية الفلسطينية، وشكّل مدى العقود الماضية أحد أبرز رموز الصراع مع إسرائيل.

هذا العام، بات موسم القطاف تجربة محفوفة بالمخاطر في غزة، حيث يضطر المزارعون والعمال الى التنبه لتحليق المسيّرات والطائرات الحربية الإسرائيلية خوفا من أن تلقي صواريخها على مقربة منهم بدون سابق إنذار.

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر 2023 إثر هجوم غير مسبوق لحماس على جنوب الدولة العبرية، أسفر عن مقتل 1206 أشخاص غالبيتهم من المدنيين، بحسب تعداد يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.

وترد إسرائيل بحملة من القصف المكثف والعمليات البرية ما أدى لمقتل 42603 أشخاص على الأقل معظمهم مدنيون، بحسب أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس، والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.

وتسببت المعارك بدمار هائل في القطاع المحاصر. وتؤكد الأمم المتحدة أن نحو 68 بالمئة من أراضيه الزراعية تضررت، بينما يعجز المزارعون عن ري المحاصيل أو الاعتناء بها.

ويضيف أبوأسعد "أعداد أشجار الزيتون قليلة للغاية مع الوضع. الحال صعبة والتكلفة عالية للغاية".

ويتوقع المهندس الزراعي جمال أبوشاويش انخفاضا كبيرا في المحصول هذا العام.

ويوضح أن "كمية الزيتون في الأعوام السابقة كانت تراوح بين 37 ألفا و40 ألف طن. العام الحالي ربما تقل عن 15 ألفا.. حتى جودة الزيتون أو الزيت لا تقارن بجودته في الأعوام السابقة".

وتوازيا مع هذا التراجع، يرجَح أن ترتفع أسعار الزيتون والزيت في ظل شح الوقود اللازم لتشغيل معاصر القطاع.

والوضع ليس أفضل حالا في الضفة الغربية المحتلة، وإن تفاوتت الأسباب.

وضع خطير
اعتداءات المستوطنين تمنع المزارعين من الوصول إلى حقولهم

ويقول المزارع الفلسطيني خالد عبدالله إنه لن يقطف الزيتون من أراضيه المحاذية لمستوطنة بيت إيل هذا الموسم خوفا من التعرّض لاعتداءات مستوطنين إسرائيليين.

ويضيف "لم أفكّر حتى في التوجّه الى تلك الأراضي القريبة من المستوطنة، لأن الوضع خطير جدا".

لهذا السبب، اختار الاكتفاء بما تحمله أرضه الواقعة في قرية جفنا شمال رام الله في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967. ويوضح بينما يقطف بعض أشجار الزيتون مع زوجته ماجدة "لدينا بالقرب من المستوطنة حوالي 42 دونما مشجّرة بالزيتون، لكن للأسف لا أستطيع الوصول اليها".

واعتاد خالد عبدلله وغيره من الفلسطينيين المالكين لأراضٍ مزروعة بالزيتون قريبة من المستوطنات، التنسيق مع منظمات إسرائيلية غير حكومية للحصول على تصاريح خاصة تمكّنهم من قطف زيتونهم. ويقول "خوفي الآن ازداد لأنه لم تعد هناك مؤسسات حقوقية قادرة على حمايتنا من هجمات المستوطنين، ولم يعد هناك تنسيق".

ومنذ بداية الحرب، ارتفعت وتيرة التوتر في الضفة حيث تزايدت هجمات المستوطنين على الفلسطينيين والمواجهات بين الطرفين، بالإضافة الى تكثّف العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وتؤكد مؤسسة "يش دين" الإسرائيلية ارتفاع حدة هجمات المستوطنين على الفلسطينيين، الأمر الذي يمنعهم من الوصول الى أراضيهم الزراعية.

وتقول المتحدثة باسم المؤسسة فادية القواسمي "هذا العام لم يحصل تنسيق لوصول الناس الى أراضيهم مثل كل عام، والسبب الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر".

وتضيف المحامية بينما تعمل على تسجيل أسماء أشخاص غير قادرين على الوصول الى أراضيهم في قرية ترمسعيا "أصحاب الأراضي خائفون وخوفهم مبرر بسبب ارتفاع وتيرة الاعتداءات من المستوطنين المسلحين".

وفي قرية مادما جنوب مدينة نابلس في الضفة الغربية (2500 نسمة)، مُنع أصحاب الأراضي من الوصول اليها لقطف الزيتون الأسبوع الماضي. وتكرّر الأمر لثلاثة أيام، وعمد مستوطنون الى إعطاب مركباتهم.

ويقول رئيس مجلس قرية مادما عبدالله زيادة "طُرد أصحاب الأراضي من أراضيهم على أيدي مستوطني يتسهار. وكلّ يوم، هناك مواجهات".

ويقع حوالي 1500 دونم مزروعة بالزيتون في شمال القرية.

ويضيف زيادة "لا نستطيع تمييز من يمنعنا إن كانوا مستوطنين أو جنودا، لأنهم مرة يكونون بزيّ مدني ومسلحين، ومرة أخرى بزيّ عسكري".

ويتابع "كنا نتعرّض لاعتداءات من المستوطنين، لكن هذا العام مختلف عن الأعوام السابقة ومخاوفنا أضعاف".

وفي قرية تل (7 آلاف نسمة) قرب نابلس، يقول رئيس المجلس القروي نعمان رمضان إن سكانها تمكنوا حتى الآن من الوصول الى حوالي ثلث ما وصلوا إليه العام الماضي من الأراضي المزروعة بالزيتون.

ويمتلك أهالي قرية تل حوالي خمسة آلاف دونم مزروعة بالزيتون تقع على جانب طريق استيطاني تتواجد عليه بؤرة حفات غلعاد الاستيطانية المحروسة من الجيش.

ويوفّر موسم الزيتون للفلسطينيين مصدر دخل أساسيا من الزيت، وتحديدا للأسر الفقيرة. ووفق معطيات خبراء ووزارة الزراعة الفلسطينية، فإن المساحة الإجمالية المزروعة بالزيتون في الضفة الغربية وغزة تصل الى 935 ألف دونم.

وحذّر خبراء في الأمم المتحدة من أن المزارعين في الضفة سيواجهون "أخطر موسم زيتون على الإطلاق".

واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان الأسبوع الماضي أن هجمات المستوطنين في موسم الزيتون و"سرقته" وتقطيع وإحراق الأشجار ومنع أصحابها من الوصول اليها هو "إرهاب دولة منظم".