أحياء تونسية قديمة تُذكر السبسي بأيام شبابه

الخميس 2014/12/18
مشموم الياسيمن يعيد الذكريات للسبسي

تونس- بين الأحياء القديمة لتونس العاصمة وأزقتها العتيقة من سيدي بوسعيد إلى الحلفاوين، مرورا بباب سويقة وباب الجديد، وتحديدا خلف تلك الأقواس والأسوار التي لم يؤثر في أعمدتها طول الدهر ولا قسوة الطبيعة، وصولا إلى مدينة حمام الأنف جنوب العاصمة، هناك نشأ وترعرع مرشح الرئاسة عن حركة نداء تونس، الباجي قائد السبسي.

كانت الأحياء القديمة للعاصمة تونس شاهدة على ذكريات الباجي قائد السبسي قبل أن يسافر ليزاول تعليمه الجامعي في باريس ويتخرج عام 1950 ليمتهن المحاماة وقبل أن يتولى عدة مناصب هامة في البلاد بين 1963 و1991 من إدارة الأمن الوطني ووزارة الخارجية، فوزارة الداخلية ووزارة الدفاع وسفيرا في عدد من بلدان العالم.

وفي مثل هذه المناطق والأحياء التي تحمل عبقا خاصا بتاريخ تونس الخضراء، هناك من يتذكر الباجي الذي ينحدر من عائلة تنتمي إلى الطبقة “البورجوازية” أو كما تسمى في تونس “بالبلْدية” ذات الأصول الإيطالية القادمة تحديدا من جزيرة سردينية الإيطالية.

وقد بدأ تاريخ عائلته عندما قامت العائلة الحسينية الحاكمة في تونس آنذاك، مطلع القرن التاسع عشر، بتوظيف جده إسماعيل قائد السبسي.

في تلك الأزقة والأنهج القديمة التي عاصرت مختلف فصول تاريخ تونس، لا تزال بصمته موجودة في ذاكرة البعض ممّن عايش فترات سابقة من تاريخ تونس المعاصر أو ممن يصغرونه سنا ولكنهم عايشوا بعضا من تفاصيل حياته.

ففي شرفة مطلة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط وتحديدا في الـ26 نوفمبر 1926 وضعت حبيبة بن جعفر ابنها الباجي في صحن مقام الولي الصالح أبي سعيد الباجي في سيدي بوسعيد بالضاحية الشمالية للعاصمة ومنه استوحت اسما لمولودها “الباجي”، كما قال قدماء متساكني المدينة.

ويقول أحد الشيوخ ويدعى، الحبيب شلاقو، الذي يقطن بالضاحية الشهيرة المطلة على البحر المتوسط والذي كان شاهدا على الباجي قائد السبسي أيام صباه، إن عائلته كانت موقرة وذات جاه عظيم كما كانت كثيرا ما ترتاد ذلك المكان خاصة في فصل الصيف لتقضي موسم زيارة البحر والاصطياف، وتقضي أشهرا في منزل عائلة “العروسي” وهي عائلة مقربة من أسرة قائد السبسي.

والدته حبيبة جعفر اسمته "الباجي" تيمنا بمقام الولي الصالح أبي سعيد الباجي في ضاحية سيدي بوسعيد

كما أشار شلاقو في حديثة لوكالة “الأناضول” إلى أن هناك رواية تقول، إن والدته كانت تفضل كثيرا الأولياء الصالحين والطرق الصوفية وهو ما دفع بها لوضع مولودها في صحن مقام أبي سعيد الباجي وأن تطلق عليه الاسم نفسه.

وكانت عائلة الباجي كثيرا ما تزور الأولياء الصالحين من سيدي بوسعيد وسيدي بلحسن الشاذلي وسيدي محرز خاصة في المواسم الخاصة التي يطلق عليها اسم “الزردة” أي الولائم الخاصة والذبائح والسهرات الصوفية التي تحتفي بتلك المقامات.

هذا الأمر لطالما أكده الباجي خلال لقاءاته الإعلامية، سيما مع افتتاح حملته الانتخابية للجولة الثانية لرئاسة تونس التي اختار أن يستهلها من صحن “سيدي بلحسن الشاذلي” بالعاصمة تونس، حيث تعهد في كلمة له ألقاها هناك “بحماية الزوايا الصوفية، ومقامات أولياء الله الصّالحين ضد أي اعتداء يمكن أن تتعرض له مستقبلا”.

وقد أكد السبسي البالغ من العمر 88 عاما دوما أنه ترعرع داخل هذه الزوايا، وعائلته ليست بغريبة على أولياء الله الصالحين.

وفي جولة بعدد من أحياء تونس القديمة، أشار عدد من الأهالي إلى منزل قديم ذي طابقين، في منطقة باب جديد بتونس يعرف بـ”دريبة بن عياد”، حيث بدا وكأن قدما لم تطأه منذ زمن بعيد.

في جولة بعدد من أحياء تونس القديمة، أشار عدد من الأهالي إلى منزل قديم ذي طابقين، في منطقة باب جديد بتونس يعرف بـ”دريبة بن عياد”

وقال البعض من الأهالي إنه أحد المنازل التي قطنها الباجي قائد السبسي في فترة شبابه وقبل سفره إلى باريس، غير أن آخرين أوضحوا أنه كان كثير الانتقال بين أحياء تونس ولم يعش في منطقة واحدة وذلك نظرا لدراسته وللمناصب السياسية التي شغلها.

وبدأ الباجي بالظهور واكتساب الشهرة تدريجيا هناك، ففي ذاك الوقت لم يكن الحديث سوى عن الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة الذي طغى صيته أكثر على الساحة السياسية، كما عرفت حياته محطات كثيرة قبيل اقتحام ميدان السياسة، فقد قضى مرحلة هامة من طفولته مع والدته في مدينة حمام الأنف بالضاحية الجنوبية للعاصمة تونس خاصة بعد أن توفي والده حسونة قائد السبسي، ليتركه ولم يتجاوز عمره العاشرة.

وفي مُناسبات كثيرة كان مرشح نداء تونس للرئاسة يثني على مدينة حمام الأنف ويعتبرها معقله لما تحمله من ذكريات الطفولة والشباب، ومنها انتقل قائد السبسي ليزاول تعليمه في المدرسة “الصادقية” (نسبة إلى الصادق باي أحد البايات الذين حكموا تونس).

والجدير بالذكر ان السبسي يخوض، الأحد المقبل، الجولة الثانية من سباق الرئاسة ضد منافسه الرئيس التونسي المؤقت محمد منصف المرزوقي بعد أن ترشحا معا في الجولة الأولى التي أجريت في 23 نوفمبر الماضي.

12