أحلام ريادة الفضاء تبدأ من أفلام الخيال العلمي

رؤية الأرض من الفضاء تجربة تثير رواد الفضاء.
الاثنين 2023/08/28
النظر إلى الأرض من منظور فريد

يؤكد رواد الفضاء أن رؤية الأرض لأول مرة من الفضاء تجربة مدهشة للغاية ومثيرة ورائعة، مشيرين إلى أن ذلك يعتبر بمثابة مكافأة لهم، حيث يتمكنون من الطيران بحرية في الفضاء واستكشاف المجهول والبحث عمّا يشبع فضولهم. وتعد أفلام الخيال العلمي وحرب النجوم وراء تحقيق أحلامهم بأن يصبحوا رواد فضاء.

أنقرة - يعمل رواد الفضاء على تخيل ما وراء السماء واستكشاف المجهول في الفضاء، وعندما يسافرون إلى الفضاء، تبدأ أحلامهم ومداركهم تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وتتاح لهم الفرصة للنظر إلى الأرض من منظور فريد.

ويرى رواد الفضاء، ممن مروا بتجارب مثل رؤية الأرض من الفضاء والانزلاق فيه، أن تلك التجارب ذات قيمة، وتعتبر بمثابة مكافأة لرائد الفضاء حيث يتمكن من الطيران بحرية في الفضاء، واستكشاف المجهول، والبحث عمّا يشبع فضوله.

وتحدثت يامازاكي ناوكو رائدة الفضاء المتقاعدة من وكالة الفضاء اليابانية “جكسا” للأناضول عن حلمها خلال سنوات الطفولة الذي تحول إلى مهنة، ومهمتها الفضائية وتجاربها في هذا المجال.

وقالت يامازاكي التي شاركت في مهمتها الأولى إلى محطة الفضاء الدولية عام 2010 وتقاعدت من وكالة الفضاء اليابانية في عام 2011، إنها “ثاني امرأة يابانية تمكنت من الذهاب إلى الفضاء”.

وأضافت يامازاكي التي أمضت 15 يوما وساعتين و47 دقيقة في الفضاء، إن “حلمها في أن تصبح رائدة فضاء بدأ مع زيادة اهتمامها بأفلام الخيال العلمي وحرب النجوم في الإنمي الياباني” عندما كانت طفلة.

ولفتت إلى أن “اهتمامها بالنجوم عندما كانت طفلة، صاحبه شغف لمراقبتها والتعرف على الفضاء”.

رواد الفضاء، ممن مروا بتجارب مثل رؤية الأرض من الفضاء والانزلاق فيه، يرون أن تلك التجارب ذات قيمة

وقالت يامازاكي “عندما كان عمري 15 عامًا، شهد ذلك العام اختيار أول 3 رواد فضاء يابانيين وإرسالهم إلى المركبة الفضائية”. وأردفت “تم بث هذا الحدث على الهواء مباشرة في اليابان، وشهد العالم وقتئذ إطلاق المركبة الفضائية التي نقلت رواد الفضاء وكنت وقتها متحمسة للغاية وحلمت أن أصبح رائدة فضاء”. وتابعت يامازاكي “تقدمت لأول مرة إلى برنامج رواد الفضاء في عام 1996 وتم استبعادي بسبب نقص الخبرة العملية، لكن في المرة الثانية من التقديم سنة 1999 تم قبولي”.

وأوضحت أنها “بعد الانتهاء من التدريبات الأساسية في اليابان عام 2001، تلقت في روسيا تدريبات خاصة لأصبح بعدها مهندسة طيران على متن مركبة الفضاء الروسية سويوز”.

وأوضح رائد الفضاء في الإدارة الوطنية الأميركية للملاحة الجوية والفضاء “ناسا” إدوارد مايكل فينكي الذي قضى ما مجموعه 381 يومًا و15 ساعة و11 دقيقة في الفضاء للأناضول، أن مهنة رائد الفضاء “كانت وظيفة الأحلام منذ سنوات الطفولة”. وأشار فينكي إلى أنه “يعمل في مجال ريادة الفضاء منذ 27 عاما، وأنه ما زال يشعر بالشغف والحماسة نفسها التي شعر بها خلال السنوات الأولى في هذه المهنة”.

وأضاف “في عام 1969 عندما كان عمري عامين فقط رأيت على شاشة التلفزيون أشخاصا يمشون على القمر”، مشيرا إلى أن “البعثات إلى القمر استمرت حتى عام 1972” وقد تابع ذلك خلال سنوات الطفولة. وقال فينكي “اعتقدت أنها تبدو مثيرة للاهتمام للغاية، وبدا الأمر ممتعًا”.

وأضاف “طوال حياتي كنت أفكر في أن أصبح رائد فضاء، ومنذ اللحظة التي تعلمت فيها القراءة قرأت كل ما يتعلق بالفضاء”.

وحول مشاهدتها لأول مرة للأرض من الفضاء، قالت يامازاكي “كنت مندهشة جدا”. وأضافت “الأرض بدت نشيطة وديناميكية للغاية، ومع ذلك فقد بدت أيضًا هشة للغاية لأن طبقة الغلاف الجوي كانت رقيقة مثل الورق”.

وشددت يامازاكي على “ضرورة حماية الكوكب، والغلاف الجوي، خاصة وأن للأرض مكانة خاصة جدا في الكون، وكل من رأى الأرض من الفضاء يدرك أهمية هذه المكانة”.

وأشارت إلى أن “استكشافات الفضاء لا تزيد من معرفة البشر بمحيطهم في الفضاء فحسب، بل تساهم أيضا في فهم الأرض، ومراحل تطورها ومستقبلها”.

حلم أصبح حقيقة
حلم أصبح حقيقة

وقالت يامازاكي “النظر من الفضاء يعمق فهمنا لكوكبنا، وبالتالي فإن استكشاف الفضاء سيزيد من إمكانياتنا لحماية الأرض”. وتابعت “ذهبنا إلى الفضاء في 8 دقائق و30 ثانية، وعندما نظرنا إلى الأرض لأول مرة، شعرت بقوة البشر والطبيعة في نفس الوقت”.

وأشارت إلى أنها “عندما ذهبت إلى الفضاء لأول مرة كنت أرى الأرض فوق رأسي، وذلك بالنظر إلى موقع المركبة الفضائية (…) لقد فوجئت جدًا”. وأضافت “كنت في الأسفل والأرض في الأعلى، فضلًا عن كوني في بيئة انعدام الجاذبية ولم يكن هناك صعود أو هبوط واضح”.

وأردفت يامازاكي “كانت الأرض متوهجة باللون الأزرق مع ضوء الشمس، وبدت المحيطات واليابسة ديناميكية للغاية وشعرت بقوة الطبيعة”.

وتابعت “بعد 45 دقيقة، رأيت الجزء المظلم من الأرض خلف ضوء الشمس وهنا استطعت رؤية أضواء المدن، وأدركت وقتئذ قوة الحضارة الإنسانية وقدرتها على تحقيق أهداف أكبر”.

ويامازاكي وفينكي رائدا فضاء مختلفان، نشآ في تخصصات مختلفة، وينتميان إلى أعراق مختلفة وديناميكيات ثقافية مختلفة، ويتحدثان لغات مختلفة، إلا أنهما باتا يمتلكان نفس المفاهيم تقريبا حول العالم والحضارة الإنسانية بعد ذهابهما إلى الفضاء.

وبات رائدا الفضاء يامازاكي وفينكي يتشاركان نفس الأحلام، ويمتلكان نفس المشاعر تقريبًا بعد سفرهما إلى الفضاء لأول مرة.

ويروي فينكي تجربته الأولى في السفر إلى الفضاء قائلا “وصلنا إلى الفضاء بعد 9 دقائق من إطلاق مركبة سويوز (الروسية)”، لافتا إلى أن “رؤية الأرض لأول مرة من الفضاء كانت مدهشة للغاية ومثيرة ورائعة”.

تجربة مثيرة
تجربة مثيرة

وقال “كان حلما تحول إلى حقيقة، إنه إحساس رائع بأن لدينا هذا الكوكب الجميل”. وأضاف فينكي “رؤية هذا الكوكب المتألق كان حقا مشهدا يحبس الأنفاس”. وأردف “قمت في الفضاء بالتقاط صور لكوكب الأرض، وبعد أن وصلنا إلى الجانب المظلم من الأرض لم يعد بإمكاننا التقاط الصور”.

وتابع “لم يكن لدينا في تلك المرحلة مهمة نقوم بها، لذلك قمنا بالاستمتاع بهذا المشهد الرائع، وكنا وقتئذ نعبر الجانب المظلم من الأرض وكان بإمكاننا رؤية الكون فوق رؤوسنا وكان المشهد أخّاذا”.

وقال فينكي “كنا في مكان يستطيع المرء فيه رؤية جميع النجوم، وعندما نظرت إلى الأسفل رأيت مصر، ونهر النيل، ومن هناك البحر المتوسط وتركيا (…) كان مشهدًا لن أنساه أبدا”.

ووفقًا ليامازاكي، فإن “90 في المئة من التعليم الذي يتم تلقيه على الأرض يدور حول كيفية التعامل مع المواقف غير المتوقعة”. وقالت إنها “خاضت مع فريقها هذه التجربة قبل وصولهم إلى محطة الفضاء الدولية، عندما تعطل نظام الرادار في مركبتهم الفضائية”. وأضافت “بما أن الطاقم لم يتمكن من قياس المسافة والسرعة إلى الوجهة، فقد حاولوا إيجاد طريقهم باستخدام الطرق التقليدية، أي بواسطة تتبع النجوم”.

بدوره تحدث فينكي عن مشكلة واجهتهم خلال إحدى الرحلات الفضائية، قائلا “خرجت مع زميلي رائد الفضاء الروسي غينادي بادالكا خلال أول سير في الفضاء، ولم يتبق وقتئذ أحد في محطة الفضاء الدولية”. وأضاف “كانت المرة الأولى لي في الفضاء الخارجي، كانت تجربة مثيرة للغاية، وعندما نظرت إلى البدلة الفضائية رأيت أن الأكسجين كان منخفضًا، وينفد بسرعة كبيرة”.

وأردف فينكي “لم أشعر بالذعر، تحققت من نظام الحماية في البدلة وكان كل شيء على ما يرام، ولم يكن ضوء التحذير مضاءً أيضًا”. وتابع “تحركت للعودة إلى داخل المحطة وتمكنت من الاتصال بمركز مراقبة المهمة الروسي وقالوا إن هناك خطأ ما في بدلتي الفضائية”.

وقال فينكي “كنت خائفًا بعض الشيء، لكن الأمر لم يشكل مشكلة كبيرة لي، وعندما عدت إلى المحطة أدركت أن الغطاء اللاصق الموجود على بدلتي تسبب بالمشكلة وقمنا بإصلاحه”. وأضاف “عندما خرجنا مرة أخرى بعد بضعة أيام، تمكنا من إكمال المهمة بنجاح”.

18