أحزاب الموالاة تسرّع وتيرة القفز من مركب بوتفليقة

تخلي القوى السياسية الموالية للسلطة عن بوتفليقة، جاء في ظل الحديث عن مؤشرات لإعلان وشيك من طرف الرجل لتنحيه عن منصبه.
الخميس 2019/03/21
مجد ضائع

سرّعت أحزاب الموالاة من وتيرة القفز من قارب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في خضم حديث عن رسالة وداع يعلن فيها الرجل تنحيه عن السلطة، فبعد انقلاب قادة التجمع الوطني الديمقراطي، عن خطهم السياسي السابق، نزع المنسق العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، معطف الموالاة وأعلن تأييده للحراك الشعبي.

الجزائر - أعلن المنسق العام لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم في الجزائر معاذ بوشارب، عن “تأييد حزبه ودعمه المطلق للحراك الشعبي، وعن وقوفه إلى جانب المطالب المرفوعة من طرف الشارع منذ الـ22 فبراير الماضي”، وذلك في لقاء له بمناضلي وكوادر الحزب الأربعاء بالعاصمة.

ووسط أجواء مشحونة ومشادات لفظية، عقد معاذ بوشارب، لقاء حزبيا كشف فيه عن التحاق جبهة التحرير الوطني، بموجة القافزين من مركب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، في ظل استمرار موجة الغضب الشعبي، وعشية الاستعداد لتنظيم مسيرات شعبية جديدة للأسبوع الخامس على التوالي، في العاصمة ومختلف مدن ومحافظات البلاد.

وجاء انقلاب الحزب الحاكم، على من كان يصفه بـ“رئيسه ومرشحه” في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الـ18 من الشهر المقبل، قبل إلغائها من طرف رئيس البلاد، تحت ضغط الحراك الشعبي.

وأفادت مصادر مطلعة، بأن تسريع القوى السياسية الموالية للسلطة، للقفز من مركب بوتفليقة، جاء في ظل مؤشرات تتحدث عن إعلان وشيك من طرف الرجل لتنحيه عن منصبه قبل الـ28 أبريل، موعد نهاية ولايته الرئاسية الحالية.

وبالموازاة أطلق الرجل الثاني في حزب التجمع الوطني الديمقراطي صديق شهاب، تصريحات وصفت بـ“الخطيرة والصادمة”، وشكلت ضربة قاصمة لمجسم السلطة القائمة، بعدما كشف لقناة البلاد المحلية، عما أسماه بـ“استحواذ القوى غير الدستورية على مقاليد السلطة في البلاد خلال السنوات الأخيرة”.

ويرمز مصطلح القوى غير الدستورية في الجزائر إلى محيط الرئاسة الذي كان يدير شؤون البلاد في الخفاء باسم الرئيس بوتفليقة، منذ إصابته بجلطة دماغية في ربيع العام 2013، ويتقدمهم شقيقه الأصغر ومستشاره الشخصي سعيد بوتفليقة، قبل أن يلتحق بهم شقيقه الآخر ناصر بوتفليقة، وبعض رجال المال والأعمال والشخصيات النافذة، التي لا تحمل أي صفة رسمية في مواثيق الدولة.

مصطلح القوى غير الدستورية يرمز في الجزائر إلى محيط الرئاسة الذي يدير شؤون البلاد في الخفاء باسم الرئيس بوتفليقة

وقال الناطق الرسمي لحزب السلطة الثاني صديق شهاب “هناك قوى تزعجها الأحزاب، وهي قوى غير مهيكلة يمكننا تسميتها غير دستورية غير منظمة.. موجودة في كل مكان وزمان في الجزائر، تزعجها أحزاب المعارضة والموالاة لأنها تأخذ منها جزءا من الحكم”.

ووصف قرار مشاركة حزبه في ترشيح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة رفقة أحزاب الموالاة الأخرى، بـ“غير العقلاني وغير الحكيم ويفتقد للبصيرة” وأن “ترشيح الرجل وهو في هذه الأحوال مغامرة”، كما نفى وجود أي تواصل بينه وبين الأحزاب الموالية له، إلا ما يأتي عبر القنوات التي تحدث عنها (القوى غير الدستورية).

وجاءت تصريحات الرجل الثاني في الحزب، لتضاف إلى ما أدلى به في وقت سابق، رئيس الحزب ورئيس الوزراء المستقيل أحمد أويحيى، عن “دعم الحزب للحراك الشعبي والانضمام إلى مطالبه السياسية”، وهو ما وصف حينها بـ“محاولة ركوب الموجة والقفز من قارب بوتفليقة مع قرب رحيله”.

وعبّر العديد من المناضلين والمسؤولين في حزب جبهة التحرير الوطني، حضروا أمس اجتماع الحزب، في فندق الأروية الذهبية بالعاصمة، عن غضبهم الشديد من تحولات المنسق العام معاذ بوشارب، ومحاولته ركوب الموجة، للنفاذ برأسه.

وصبّ محافظون (مسؤولو الحزب في الولايات)، جام غضبهم على القيادة الحالية، واتهموا معاذ بوشارب، بجر الحزب إلى مآزق وأزمات عميقة، وبالتسبب في موجة الغضب الشعبي التي رفعت شعارات تدعو جبهة التحرير الوطني إلى الرحيل، ووصفوه في تصريحات صحافية بـ“غير الشرعي والدخيل وبأنه زعيم عصابة استولت على الحزب”.

Thumbnail

وألمح الناطق الرسمي الجديد للحزب حسين خلدون، في تصريحات صحافية، إلى “ضرورة سحب الحزب من السلطة وإعادته إلى الشعب”. واتهم القيادات الأخيرة بـ“الإساءة وتشويه صورة وسمعة الحزب لدى الشارع الجزائري”، في إشارة إلى مرحلتي جمال ولد عباس ومعاذ بوشارب.

وتتشابه الأوضاع داخل أحزاب السلطة، حيث لم يتأخر التجمع الوطني الديمقراطي، في الرد على تصريحات ناطقه الرسمي، في بيان وصفه بالتوضيحي، ذكر فيه بأن “ما ورد على لسان الزميل كان تحت ضغط الأسئلة المستفزة والمثيرة للانفعال، أدت به في بعض الأحيان إلى الابتعاد عن المواقف المعروفة للتجمع الوطني الديمقراطي”.

وأضاف البيان “أمام تساؤلات عدد كبير من مناضلي حزبنا حول هذه الواقعة، يؤكد التجمع الوطني الديمقراطي أنّ موقفه قد بلوره بوضوح في الرسالة التي وجهها أحمد أويحيى، الأمين العام للتجمع، لمناضلي الحزب سواء في ما يتعلق بقراءة التجمع لمجريات الوضع السائد على الساحة الوطنية، أو في ما يتعلق بتقدير الحزب ووفائه لرئيس الجمهورية، بما في ذلك مضمون رسالتيه الأخيرتين الموجهتين للأمة خلال الشهر الجاري”.

ودخل القيادي في الحزب بلقاسم ملاح، الذي كان ضمن الطاقم المدير لحملة بوتفليقة، والمعارض لأحمد أويحيى، على خط أزمة الحزب.

وقال ملاح “كان على أويحيى أن يساند موقف الشعب حين كان في قصر دكتور سعدان (رئاسة الوزراء) وليس حين عاد إلى بن عكنون (مقر الحزب)”.

وبعد أن وصفه بـ“الضعيف” حمّله مسؤولية “انحراف الحزب عن مساره وخطه السياسيين، بسماحه بوصول أشخاص غرباء عن النضال إلى مناصب قيادية في الحزب بل وبالدخول إلى البرلمان وتبديد 600 مليار دولار من أصل الـ1000 مليار دولار، وذلك عبر 8 حكومات كان أحمد أويحيى مسؤولا فيها عن الجهاز التنفيذي”.

4