أبوظبي منصة حوار مثمر لتقنين قيم التسامح والتعايش

مؤتمر في أبوظبي كثف خلاله المشاركون النقاش حول سبل تعزيز الآليات القانونية التي تدعم قيم التسامح وتجعلها مقننة ومرجعا هاما لبقية المؤتمرات في دول أخرى.
الجمعة 2019/04/26
الإمارات أرض التحابب والسلام

أبوظبي- في إطار مواصلتها لدعم قيم التسامح والتعايش، كانت الإمارات وتحديدا أبوظبي فضاء تجمع فيه خبراء دوليون طيلة يومين في مؤتمر “مفهوم التسامح في سياق النظم التشريعية والقانونية”. وخرج المؤتمر بجملة من التوصيات الهامة لتكريس مبادرة قانونية تعزز قيم التسامح.

وحقق هذا المؤتمر وفق العديد من الخبراء الذين حضروه كل أهدافه المرسومة تقريبا، بعد تكثيف النقاش حول سبل تعزيز الآليات القانونية الضرورية التي تدعم قيم التسامح وتجعلها مقننة وأن تكون خاصة مرجعا هاما لبقية المؤتمرات في دول أخرى.

واختتم مؤتمر مفهوم التسامح في سياق النظم التشريعية والقضائية في أبوظبي الخميس بجلسة صدر عنها عدد كبير من التوصيات التي تشكل في مجملها مبادرة قانونية لتعزيز الكرامة الإنسانية والتسامح في كافة بقاع العالم تمهيدا لرفعها إلى الشيخ نهيان بن مبارك وزير التسامح لتوقيعها بحيث تكون متاحة أمام كافة المشرعين حول العالم للاستفادة منها في تعزيز التعايش ونبذ الخلافات واحترام الآخر.

ونظمت المؤتمر على مدار يومين وزارة التسامح الإماراتية بالتعاون مع المركز الدولي للقانون والدراسات الدينية بجامعة بريغهام يونغ بالولايات المتحدة، وكلية القانون بجامعة الإمارات برعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان.

وشملت أنشطة اليوم الثاني للمؤتمر جلستين رئيسيتين تناولت الأولى دراسة الإمكانات المتاحة لتعزيز التسامح عن طريق القوانين والنظم، وتميزت الجلسة الثانية بتقديم العديد من المقترحات العملية والمبادرات المتعلقة بالبيان الختامي.

كما شمل اليوم الختامي 3 ورشات عمل للمشاركين دارت خلالها نقاشات موسعة وكان الموضوع الرئيسي للورشة الأولى “إشراك الهيئات القانونية للوافدين” وتحدث فيها الدكتور كول درهام والدكتور محمد الدقاق، فيما تناولت الثانية موضوع التعليم، وأدارها جان فيجل وديفيد كيرخام، ومحمد الموسي، فيما ناقشت الثالثة التسامح الديني كمجال للتعاون والابتكار وأدارها ماركو فنتورا وتور لينهولم.

الدكتورة جنان البستكي: التسامح يعتبر مبدأً يستلزم حماية حرية الدين في المجتمع
الدكتورة جنان البستكي: التسامح يعتبر مبدأً يستلزم حماية حرية الدين في المجتمع

وقالت عفراء الصابري المدير العام بمكتب وزير التسامح إن المؤتمر حقق أهدافه بالكامل لأنه استطاع أن يجمع كل هذا العدد من الخبراء الدوليين في مجالات القانون الدولي وحقوق الإنسان والقضاء واستطاع أن يوفر منصة للحوار المثمر بين الجميع، على قاعدة الإيمان بأهمية تعزيز التسامح سواء لدى المجتمعات المحلية أو على المستوى العالمي.

وأشاد الجميع بالتجربة الإماراتية في تعزيز التسامح التي تزداد عمقا كل يوم وتترجم دائما إلى مواقف وأفعال ولا تتوقف عند المهرجانات والمؤتمرات. وأكدت الصابري أن رعاية الشيخ نهيان لهذا الحدث الكبير كان له أثر بالغ في تحفيز الجميع لتحقيق أفضل النتائج الممكنة، وأن مشاركته بكلمة رئيسية في المؤتمر تضمنت العديد من العناوين الكبرى التي يجب البناء عليها وفي القلب منها الاهتمام بدراسة وثيقة الأخوة الإنسانية ومدى إمكانية تحويلها إلى نصوص قانونية يمكن الاسترشاد بها .

وأوضحت أن النتائج التي خرج بها المؤتمر كتوصيات قانونية ستعرض على لجنة متخصصة لإعادة صياغتها تمهيدا لتوقيعها من الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ليتم إعلانها بحيث تكون متاحة لكافة القانونيين محليا وعربيا وعالميا.

ومن جانبه أكد الدكتور محمد القاسم عميد كلية القانون بجامعة الإمارات أن تنظيم المؤتمر بالتعاون مع وزارة التسامح هو خطوة مهمة لدعم قضايا التسامح والتعايش وقبول الآخر، وأن المشاركة البارزة لأساتذة الحقوق بالجامعة إلى جانب أقرانهم على مستوى العالم أعطت زخما كبيرا للنقاشات وأثرت التوصيات التي تم رفعها إلى راعي المؤتمر، معبرا عن سعادته بالتعاون المثمر مع وزارة التسامح، والنجاح الكبير الذي حققه المؤتمر.

وبدوره أكد الدكتور محمد خليل الموسي أستاذ القانون الدولي بكلية القانون بجامعة الإمارات على أهمية انعقاد مثل هذه المؤتمرات التي تستهدف إثراء الدور القانوني والنظم القضائية في ما يتعلق بقيم التسامح والتعايش، مشيرا إلى أن “الكرامة الإنسانية” تتبوأ مكانة محورية في النظام القانوني الدولي لحقوق الإنسان، وهي إحدى أهم ركائزه، وتشكل أساسا لمفاهيم ومبادئ أخرى مرتبطة به مثل الحرية، والمساواة والتسامح.

وأكد أن الورقة التي شارك بها في المؤتمر استهدفت تحليل دلالة ذلك المفهوم والكشف عن أدواره ووظائفه، وارتباطه بمفهوم التسامح.  كما كشفت عن أبعاده المختلفة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة وأن كافة النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان العالمية والإقليمية قد اعترفت بالكرامة الإنسانية.

فيما أكد الدكتور عامر الحافيس أستاذ الدراسات الدينية بجامعة آل البيت بالمملكة الأردنية على أهمية هذا المؤتمر الذي تحتضنه الإمارات أرض التسامح مشيدا بدور وزارة التسامح وجامعة الإمارات في تنظيمه وبالتنوع الكبير بين ضيوفه.

وأكد أن الأصل في علاقة الناس في ما بينهم هو التسامح والمودة والوئام، أمّا الكراهية والبغضاء فهي كما الشر، ليست سوى خلل عارض على ذلك الأصل الذي خلق الله الناس عليه.

ومن جانبها قالت الدكتورة جنان البستكي الأستاذ المساعد في القانون الدولي بكلية الحقوق في جامعة الإمارات إن التسامح يعتبر مبدأً يستلزم حماية حرية الدين في المجتمع، وكذلك حرية التعبير والتفكير، من أجل تعزيز الوئام والاحترام بين المجتمعات المختلفة. وفي الوقت نفسه، هناك قيود مشروعة قد يتم فرضها على هذه الحقوق من أجل تحقيق هذا المبدأ.

13