آمال تركية في استقطاب الاستثمارات الخليجية وخصوصا من الإمارات

المقاربة الاستثمارية للإمارات لا يقودها الارتجال ولا الاعتبارات السياسية الظرفية.
الأحد 2022/04/03
الإمارات تستثمر في تركيا بصرف النظر عن بقاء أردوغان من عدمه

أنقرة - تراهن تركيا على دول الخليج في مساعيها للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها، وهي تعمل ما في وسعها على استقطاب الاستثمارات الخليجية وخصوصا من الإمارات. وسعى الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تبريد الخلافات الحادة التي نتجت عن مواقف تركية عدائية تجاه دول مثل السعودية والإمارات.

وإذا كانت الإمارات قد تجاوزت عن المواقف التركية السابقة، وعادت إلى السوق التركية للاستثمار فيها، فإن السعودية لم ترسل إشارات إيجابية تجاه أنقرة، وما تزال مخلفات قضية الصحافي جمال خاشقجي لم تمح بعد.

ويقول خبراء اقتصاديون إن انهيار العملة التركية أدى إلى تدني أسعار العقارات بصفة خاصة، وهو ما قد يشجع المستثمرين الخليجيين على العودة بقوة إلى الاستثمار في سوق يلائمهم، وهو سوق العقارات.

ودأب المسؤولون الأتراك في الفترة الأخيرة على إظهار تفاؤلهم بعودة الاستثمارات وامتداح مواقف الخليجيين، خاصة الإمارات.

وتوقع رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي نائل أولباك، تزايد رغبة رجال الأعمال الخليجيين، وخصوصا الإماراتيين، للاستثمار في قطاع العقارات بتركيا، وذلك اعتبارا من شهري مايو ويونيو المقبلين.

انهيار العملة التركية أدى إلى تدني أسعار العقارات، وهو ما يشجع الخليجيين على العودة للاستثمار في سوق يلائمهم

وفي تصريحات للأناضول تحدث أولباك عن “اجتماع الطاولة المستديرة الإماراتي – التركي للتطوير العقاري والبناء 2022” الذي نظمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في دبي.

وقال أولباك إنهم جمعوا العديد من الأسماء الهامة في مجال التطوير العقاري، والعديد من الشركات الراغبة في الاستثمار في قطاع العقارات بتركيا في اجتماع الطاولة المستديرة.

وأضاف أنه يتوقع أن تزداد الاستثمارات الخليجية في قطاع العقارات في تركيا في الفترة القادمة مع ازدياد نشاط حركة السياحة.

وأعتبر أن بيع العقارات للأجانب هو نوع من الصادرات يوفر عملة صعبة للبلاد.

وأضاف “الجانب الإيجابي الآخر في بيع العقارات للأجانب هو أن السلعة التي نبيعها (العقار) تظل داخل البلاد. كما أن الشخص الذي يشتري العقار هو من يأتي بنفسه إلى بلادنا.”

ولفت إلى أنهم يجرون مباحثات مع عدة شركات من دبي وأبوظبي ترغب في الاستثمار في قطاع العقارات بتركيا.

وأبدت الإمارات سعيا واضحا للانفتاح الاقتصادي والتجاري على تركيا تنفيذا لما تم الإعلان عنه خلال زيارة وليّ عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أنقرة في نوفمبر الماضي ولقائه مع الرئيس التركي، في خطوة قال مراقبون إنها تعكس توجها إماراتيا إقليميا ودوليا لتوسيع دائرة الاستثمارات والاستفادة من الفرص التي تحصل عليها في تركيا وغير تركيا.

ويرى المراقبون أن زيارة الشيخ محمد بن زايد وإن هدفت في جانب منها إلى تصفير المشاكل مع تركيا سياسيا، فإنها أيضا سعت للاستفادة من الحاجة التركية إلى الاستثمارات ومن التسهيلات المعروضة التي تعرضها أنقرة من أجل توسيع دائرة النفوذ الاقتصادي الإماراتي إقليميا، وزيادة فرص الاستثمار ضمن رؤية إماراتية أوسع لاقتصاد ما بعد النفط.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن المقاربة الاستثمارية للإمارات لا يقودها الارتجال ولا الاعتبارات السياسية الظرفية، ولذلك فإن الإماراتيين يعملون من خلال الصندوق السيادي وهيئة الاستثمار لتحصيل العائدات والمكاسب من الاستثمار في تركيا، لافتين إلى أنه لا مقارنة بين الاستثمارات الإماراتية القائمة على المصلحة المتبادلة والأموال الإنقاذية للرئيس التركي التي قدمتها قطر من خلال ضخ مليارات لإنقاذ الليرة التركية المتهاوية أو اعتماد أموال كبيرة لتحريك الاقتصاد التركي دون خطة واضحة بشأن مناخ الاستثمار وأفق النجاح بالنسبة إلى المشاريع المعروضة.

وبحسب المراقبين فإن الإمارات ترسي استثمارات طويلة المدى في تركيا كبلد للفرص الواعدة بقطع النظر عن بقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أو قدوم رئيس غيره بانتخابات مبكرة أو في موعدها العادي في 2023، لافتين إلى أن الاستثمارات لا توضع على مقاس الأشخاص وحساباتهم، بل وفق مصالح الدول.

Thumbnail

وقال وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” الأربعاء إن الإمارات “تراهن على تركيا كدولة ستفتح لنا أسواقاً جديدة من خلال الخدمات اللوجستية، وعبر سلسلة التوريد الخاصة بها”.

وأضاف الزيودي أن الإمارات تتطلع إلى الاستفادة من استثمارات تركيا الضخمة في القطاع الصناعي، والعمالة الماهرة، والشبكة اللوجستية القائمة، خاصة مع قارة أفريقيا.

ويقول خبراء اقتصاديون إن الإمارات تنظر إلى الاقتصاد التركي كفرصة مهمة للاستثمار خاصة في ضوء تراجع الليرة.

وأعلنت الإمارات، على هامش زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى أنقرة، عن تأسيس صندوق بقيمة عشرة مليارات دولار “لتعزيز دعم الاقتصاد التركي وتوثيق التعاون بين البلدين”. وسيركز الصندوق على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء. وجرى توقيع مذكرات تفاهم بين الشركة القابضة المملوكة لحكومة أبوظبي وصندوق الثروة السيادي التركي ومكتب الاستثمار بالرئاسة التركية وأيضا بعض الشركات التركية.

وقال رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي إن دولة الإمارات تسعى لتنويع مصادر دخلها وعدم الاكتفاء بالدخل المتحقق من عائدات البترول ولذلك تبدي اهتماماً بعدة مجالات كما تبدي اهتماماً خاصاً بالاستثمار في عدة مجالات في تركيا أبرزها الطاقة والأغذية والصحة والتكنولوجيا الرقمية.

وأعرب أولباك عن أمله في أن تعود العلاقات التجارية بين البلدين إلى سابق عهدها، كاشفا عن أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ في السابق حوالي 15 مليار دولار ثم تراجع مع الوقت إلى 3 مليارات دولار.

وفيما يخص قطاع العقارات ذكر أولباك أن الشركات التركية نفذت حتى اليوم 141 مشروعاً في دولة الإمارات العربية المتحدة بقيمة 13.5 مليار دولار تقريباً.

6