آمال التفاوض مع قادة الانقلاب تؤجل مغامرة إيكواس في النيجر

تحذيرات كبيرة من مغامرة التدخل العسكري في ظل الغموض بشأن قدرات إيكواس ومدى قدرتها على تنفيذ عمليات ناجحة على الأرض.
الأربعاء 2023/08/09
العسكريون يحتمون بالشارع

نيامي - خفضت مجموعة دول غرب أفريقيا (إيكواس) من اندفاعها نحو الخيار العسكري لإجبار المجموعة العسكرية، التي نفذت الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد بازوم، على التراجع، في وقت ما تزال فيه الولايات المتحدة تدافع عن إعطاء الفرصة للتفاوض.

وتعقد إيكواس قمة لمناقشة الأزمة بينها وبين المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في النيجر في 26 يوليو وتجاهل مهلة للتراجع انتهت في السادس من أغسطس. وتقول إن قرار التدخل سيكون من مهام قمة القادة الخميس.

لكن هناك تحذيرات كبيرة من مغامرة التدخل العسكري في ظل الغموض بشأن قدرات إيكواس ومدى قدرتها على تنفيذ عمليات ناجحة على الأرض، خاصة في ظل غياب الحماس لدى الولايات المتحدة لمثل هذا التدخل.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لإذاعة آر.إف.آي الفرنسية الثلاثاء “ليس هناك شك في أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لحل هذا الوضع”.

وأضاف أن الولايات المتحدة تدعم جهود إيكواس لاستعادة النظام الدستوري في النيجر، لكنه من دون إظهار دعم لقرار التدخل العسكري.

وفي علامة على حرص الولايات المتحدة على مسار التفاوض، توجهت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إلى نيامي الاثنين، وأجرت محادثات “صريحة وصعبة” مع كبار المسؤولين في المجلس العسكري لكنها قالت إنهم لم يتطرقوا لاقتراحات الولايات المتحدة لاستعادة النظام الديمقراطي.

التدخل العسكري سيكون مكلفا للغاية، مع عدم وجود ضمانات للنجاح وسط مخاوف من أن يتحول إلى حرب إقليمية

وقالت نولاند في مؤتمر صحفي “أردنا التحدث بصراحة مع المسؤولين عن هذا التحدي للنظام الديمقراطي، لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا محاولة حل هذه القضايا دبلوماسيًا، وبدء بعض المفاوضات، وأيضا لتوضيح ما هو على المحك في علاقتنا بشكل واضح”.

وأشارت إلى أنها التقت بالجنرال موسى سلاو بارمو الذي عينته إدارة المجلس العسكري “رئيسا للأركان العامة” وثلاثة مسؤولين عسكريين آخرين، لكنها لم تقابل قائد الانقلاب عبدالرحمن تشياني، وفق ما أفادت.

ووصفت المحادثات بأنها “كانت صادقة للغاية، وفي بعض الأحيان كانت صعبة للغاية”.

وتسعى واشنطن للظهور في موقف متوازن يترك الباب مفتوحا أمام التفاوض، معتقدة أن التشدد في الموقف من الانقلابيين سيجعلهم يتجهون نحو روسيا ويتحالفون مع مجموعة فاغنر.

وحذّر بلينكن الثلاثاء من أن مجموعة فاغنر تعمل على استغلال الانقلاب العسكري في النيجر، مستبعدا في الوقت عينه وقوفها أو روسيا خلف الانقلاب.

وقال بلينكن في حديث لبي بي سي “أعتقد أن ما حصل ويستمر في النيجر، لم تحرّض عليه روسيا أو فاغنر… لكنهم يحاولون استغلاله”.

وأضاف “في كل مكان ذهبت إليه فاغنر، حلّ الموت والدمار والاستغلال”.

واشنطن تسعى للظهور في موقف متوازن يترك الباب مفتوحا أمام التفاوض، معتقدة أن التشدد في الموقف من الانقلابيين سيجعلهم يتجهون نحو روسيا ويتحالفون مع فاغنر

وتأمل دول غرب أفريقيا في وجود فرصة للتفاوض مع قادة الانقلاب قبل قمة تُعقد غدا الخميس قد تقرر التدخل عسكريا لاستعادة الديمقراطية.

واتخذت إيكواس التي تضم 15 دولة موقفا من الانقلاب في النيجر أكثر صرامة من مواقفها حيال الانقلابات السابقة، وقالت إنها لن تتسامح مع أيّ انقلابات مستقبلا مما يضع مصداقيتها على المحك.

واتفق كبار مسؤولي الدفاع في دول إيكواس الجمعة الماضي على خطة لتدخل عسكري محتمل ما لم يتم إطلاق سراح بازوم وإعادته إلى منصبه، غير أنهم قالوا إن القرارات المتعلقة بالعمليات سيتخذها رؤساء الدول.

ومن شأن استخدام إيكواس للقوة أن يؤدي إلى تفاقم الاضطرابات في واحدة من أفقر مناطق العالم، مما يجعل مثل هذا التدخل مستبعدا، وفقا لشركة فيريسك مابلكروفت لاستشارات المخاطر.

وقال بن هانتر محلل الشؤون الأفريقية لدى الشركة في مذكرة “يدرك التكتل (إيكواس) أن التدخل العسكري سيكون مكلفا للغاية، مع عدم وجود ضمان للنجاح على المدى البعيد، فضلا على وجود احتمال كبير بتحول الموقف إلى حرب إقليمية”.

وأضاف “هذا ليس في مصلحة دول المنطقة على الإطلاق”.

وتعهد قادة الانقلاب بمقاومة كل الضغوط الخارجية الهادفة إلى إعادة الرئيس المعزول بازوم إلى منصبه بعد أن فرضت إيكواس عقوبات وعلق الحلفاء الغربيون مساعداتهم.

وطلبوا تأجيل زيارة كان من المقرر أن يجريها وفد أفريقي أممي مشترك إلى العاصمة نيامي، وذلك “لأسباب أمنية”.

وكان من المقرر أن يضم الوفد ممثلين عن إيكواس والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وفق وسائل إعلام محلية.

وقال الإعلام إن المجلس العسكري بالنيجر وجّه رسالةً رسمية الثلاثاء إلى إيكواس أبلغها فيها بأنه “لا يستطيع استقبال الوفد التفاوضي بالوقت الراهن لأسباب أمنية”.

وسبق أن توجه وفد تفاوضي إلى نيامي الخميس الماضي، لكنه عاد بعد ساعات قليلة عقب فشله في لقاء قادة المجلس العسكري.

وأعلنت المفوضية الأوروبية الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي يراقب عن كثب الوضع في النيجر، وأنه سيدعم إجراءات وقرارات إيكواس.

وقال متحدث المفوضية بيتر ستانو، في تصريح صحفي بخصوص موقف الاتحاد الأوروبي من الوضع في النيجر، إن التكتل علق جميع أنشطته هناك تجنبا للعمل مع “السلطات غير الشرعية”.

واجتذب سابع انقلاب عسكري تشهده منطقة غرب ووسط أفريقيا في ثلاث سنوات اهتماما عالميا لأسباب منها الدور المحوري للنيجر في الحرب على المتشددين في منطقة الساحل واحتياطياتها من اليورانيوم والنفط التي تمنحها أهمية اقتصادية وإستراتيجية بالنسبة إلى الولايات المتحدة وأوروبا والصين وروسيا.

6