آلية في الجسم تزيد الرغبة في ممارسة المزيد من التمارين الرياضية

يشير الخبراء إلى أن ارتفاع بروتين "إي إل ـ 15" في الدم يؤدي إلى إرسال إشارات إلى الدماغ لزيادة النشاط، ما يجعل الأشخاص نشطين طوعيا. إلا أن البدناء الذين مارسوا الرياضة أظهروا نسبا من هذا البروتين أقل، ما يشير إلى انخفاض الحافز لديهم لمواصلة الحركة. ويؤكدون على أهمية الحافز ودوره في تجديد الرغبة في ممارسة الرياضية.
مدريد - كشف فريق من العلماء عن وجود “آلية معينة” في أجسامنا تزيد الرغبة في ممارسة التمارين الرياضية. وأظهرت مجموعة من البيانات، تم الحصول عليها من الفئران والبشر، أنه عندما تنقبض العضلات بشكل متكرر وكثيف تعمل آليات معينة على تحفيز إنتاج بروتين يسمى “إي إل – 15″، الذي يتميز بتأثيره المباشر على جزء من الدماغ يتحكم في الحركة.
ويؤدي ارتفاع هذا البروتين في الدم إلى إرسال إشارات إلى الدماغ لزيادة النشاط، ما جعل الفئران في الدراسة تصبح أكثر نشاطا بشكل طوعي.
كما اكتشف الفريق ارتفاع مستويات “إي إل – 15” في الدم لدى البشر أيضا بعد التمرين. لكن البدناء الذين مارسوا الرياضة أظهروا نسبا من هذا البروتين أقل، ما يشير إلى انخفاض الحافز لديهم لمواصلة الحركة.
وقال العلماء إن هذه النتيجة تشير إلى أنه “قد يكون من الممكن تطوير عقاقير للأشخاص الذين يحتاجون بشكل خاص إلى الفوائد الناجمة عن ممارسة الرياضة، ولكنهم يترددون في ممارستها”.
ارتفاع البروتين في الدم يؤدي إلى إرسال إشارات إلى الدماغ لزيادة النشاط، ما يجعل الأشخاص أكثر نشاطا بشكل طوعي
وكشفوا أن الخطوة التالية تتمثل في تأكيد أن “إي إل – 15” هو “علامة دموية للرغبة في ممارسة الرياضة”.
وقالت المعدة البدنية غوادالوبي سابيو، من المركز الوطني الإسباني للأبحاث، “لقد اكتشفنا مسارا عضليا دماغيا يتحكم في الحرص على التدريب أكثر عندما نمارس الرياضة. إنه أحد عوامل تحفيز الاستمرار في ممارسة الرياضة”.
ويواجه العديد من الناس مشكلة في بدء ممارسة التمارين الرياضية أو الالتزام بها بالرغم من معرفة الكثيرين للفوائد الصحية لممارسة الرياضة.
وتعد ممارسة الرياضة بشكل منتظم جزءًا مهمًا من البقاء بصحة جيدة، إذ لها العديد من الفوائد الصحية الجسدية والنفسية بدءًا من تحسين المزاج والطاقة والنوم ووصولا إلى تقليل التوتر والقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى فقدان الوزن أو الحفاظ عليه، وتحسين صحة القلب، والمحافظة على قوة العضلات والعظام، ومرونة المفاصل، وتعتبر عاملاً هامًا في الوقاية من الأمراض المزمنة. كما أنها مفيدة أيضًا للصحة العقلية والعاطفية.
لكن قد يعاني البعض من صعوبة الالتزام بممارسة الرياضة. ويريد أغلب الناس الالتزام بممارسة الرياضة من أجل صحتهم، وهو هدف عظيم لكنه لا يكفي لأن يقوموا بذلك؛ فما يُحرِّكهم حقا هو الشعور بالاستمتاع، لذلك فإن تحديد نوع الرياضة التي يحبون ممارستها أمر أساسي في إيجاد الحافز، ولا يوجد نشاط مثالي للجميع، وعليهم تحديد هل يحبون المشي أم السباحة أم الرقص.
العديد من الناس يواجهون مشكلة في بدء ممارسة التمارين الرياضية أو الالتزام بها بالرغم من معرفة الكثيرين للفوائد الصحية لممارسة الرياضة
ويشير الخبراء إلى أنه عندما لا تكون ممارسة الرياضة أمرا جذابا وحدها -وهذا متوقَّع وشائع- فربما يوفر الربط بينها وبين نشاط مصاحب مثل الاستماع إلى الموسيقى أو لقاء الأصدقاء حافزا مشجعا، بحيث يتحوَّل الحافز من “الحاجة إلى ممارسة الرياضة” إلى “الرغبة في ممارستها”.
وفي دراسة نشرتها مجلة “نيتشر” لاختبار فاعلية العشرات من المناهج المختلفة لتحفيز الناس على ممارسة التمارين، أُجريت تجربة على نحو 60 ألف عضو في القاعات الرياضية. وكان من بين طرق التحفيز المُستخدَمة في الدراسة تقديم كتاب صوتي مجاني بوصفه وسيلة لجذب الناس إلى قاعة الألعاب، ليجد الباحثون أنها كانت بالفعل إحدى أكثر الطرق فاعلية في تحفيز المشاركين. ويقول الخبراء إن العثور على المتعة في التمرين هو إحدى أفضل الطرق للبقاء متحفزا لممارسة الرياضة.
وتتعدد أسباب المتعة المحتملة من ممارسة الرياضة، ويمارس البعض رياضة المشي من أجل تصفية الذهن، وآخرون يجدونها فرصة للقاء الأصدقاء. وفي دراسة أُجريت عام 2017 أجرت كاتي هاينريش (معدة الدراسة) مقابلة مع مالكين ومدربين في نظام اللياقة البدنية “كروس فيت”، لتجد أن الالتقاء بالمجموعة كان حافزا قويا للأشخاص الذين واصلوا الالتزام بحضور الحصص.
ربما يكون الاستعداد بأخذ حمام ساخن وتجهيز الملابس المناسبة، وربما شرب القهوة وإعداد قائمة الموسيقى التي يحبها الفرد ليستمع إليها أثناء التمارين، من الأمور الجالبة للمتعة. وربما عليه أيضا أن يجعل المكان الذي يمارس فيه الرياضة أكثر جاذبية، “أنشئ مكانا مريحا لممارسة التمارين، أو اختر قاعة ألعاب رياضية أو حديقة أو مكانا تُفضِّله للمشي، البيئة المحيطة ستسهم في استمتاعك ومن ثم في قدرتك على الالتزام”.
الإنسان يشعر في الكثير من الأحيان بعدم الرغبة في عمل أي شيء، ويميل إلى الانعزال نتيجة لغياب الحافز
ويمثل الحافز دافعا مهما في ممارسة الرياضة، وفي بعض المقابلات التي أجرتها مع وسائل إعلام محلية ودولية، كانت هناك إجابة واحدة للعداءة الإسبانية لورينا راميريز حول الدافع الرئيسي لديها إلى الركض عدة كيلومترات وهي رياضية ماهرة فازت بالمراكز الأولى في العديد من سباقات الماراثون في المكسيك وإسبانيا.
تقول “نحن نتحدِّث هنا عن شرط لا غنى عنه للاستمرار في ممارسة أي شيء؛ تحديد الهدف بوضوح، يُعَدُّ ذلك إحدى أهم الأولويات في سيكولوجية التحفيز، صحيح أن الجسم هو الذي يقوم بالتمرينات، لكن العقل هو الذي يريد ويُقرِّر أن تبدأ حركة العضلات لأداء النشاط البدني، هذا يعني أن علينا أن نُقنع أذهاننا أولا، وعند تلك النقطة نكتشف أن البعض لديه القدرة بالفعل على تحفيز نفسه لممارسة الرياضة، بينما يتعثَّر البعض الآخر لأسباب متعددة”.
وسواء كان الشخص يفتقد الدافع للذهاب إلى العمل أو حتى لإنقاص وزنه، فإن غياب الحافز يعد من العقبات الكبرى التي تحول دون تحقيق أهدافه.
وعند فقدان الحافز للبدء في مهمة ما أو حتى إكمالها، ينصح الخبراء بمحاولة حصر الأسباب المحتملة التي تحول دون الإنجاز، ثم تطوير خطة للمساعدة في دفع النفس إلى المضي قدما.
ويقول أخصائيو الطب النفسي إن الإنسان يشعر في الكثير من الأحيان بعدم الرغبة في عمل أي شيء، ويميل إلى الانعزال نتيجة لغياب الحافز الذي يعدّ المحرك الأساسي له.
وهناك الكثير من العوامل التي تتسبب في فقدان الحافز، منها انعدام الثقة بالنفس الذي قد يؤدي إلى الخوف من الإقدام على أي شيء خوفا من الفشل. لذلك يجب بحث أسباب الخوف الزائد وتحليلها، وعادةً ما يختفي الشعور بالخوف بمجرد التفكير بطريقة منطقية.
كما أن وجود أعراض اكتئابية لدى بعض الأشخاص يجعلهم ينظرون إلى الحياة بطريقة سوداوية ويفقدون الشغف، إضافة إلى فقدان الأمل والإحساس بأن لا شيء يستحق بذل أي مجهود. لذلك لا بد من إيجاد حلول لهذه الأعراض الاكتئابية من خلال العلاج النفسي أو الدوائي.