آسيا أمام تحدي رسكلة البطاريات

بطاريات السيارات والأجهزة الأخرى التي تعمل بالكهرباء تحتوي على معادن نادرة مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت.
الخميس 2024/10/31
المستقبل للاقتصاد الأخضر

عدي رينالدي

جاكرتا - بعث جايدن غوه شركته لإعادة تدوير البطاريات في 2019 حين كان يراهن على أن كهربة السيارات وتخزين الطاقة ستجعلان إنقاذ المعادن المهمة من الخلايا المستهلكة أمرا ملحا في جنوب شرق آسيا.

وبعد خمس سنوات، توسعت شركة إيكونيلي التي أسسها رجل الأعمال الماليزي من منشأة صغيرة في جاوة الغربية إلى مؤسسة تدير أربعة مصانع في ثلاثة بلدان قادرة سنويا على إعادة تدوير 86 ألف طن من بطاريات الليثيوم أيون التي تعتمدها السيارات الكهربائية.

وتُدعم الكهربة بصفتها مركزية في الانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري الذي يمثل أكثر من 75 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تسبب التغير المناخي. وتحتوي بطاريات السيارات والأجهزة الأخرى التي تعمل بالكهرباء معادن نادرة مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية تضاعف الطلب على هذه المعادن أربع مرات بحلول سنة 2040. لكن لاستخراج المعادن المحدودة من الأرض تكلفته، وتؤكد  جماعات حقوق الإنسان ونشطاء البيئة أنها تشمل التلوث البيئي وانتهاكات حقوق العمال. وتخلق البطاريات المهملة والمواد الكيميائية السامة مزيدا من المخاطر على البيئة وصحة الإنسان عند بلوغها نهاية عمرها الافتراضي.

وقالت كريستا شينوم، الباحثة في منظمة حقوق المناخ الدولية غير الحكومية، “يجب أن تسن الحكومات سياسات تعزز المستويات الدنيا الإلزامية للمحتوى المعاد تدويره في بطاريات السيارات الكهربائية لتقليل الطلب على المعادن المعتمدة لتصنيع أخرى جديدة”. وتطلب الصين (موطن أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم) والاتحاد الأوروبي بالفعل إعادة استخدام بعض مكونات البطاريات.

◙ البطاريات المهملة والمواد الكيميائية السامة تخلق المزيد من المخاطر على البيئة وصحة الإنسان
◙ البطاريات المهملة والمواد الكيميائية السامة تخلق المزيد من المخاطر على البيئة وصحة الإنسان 

ويشعر الخبراء بالقلق من أن منطقة جنوب شرق آسيا قد تخلفت في إعادة التدوير بينما تضغط الحكومات في المنطقة لاستبدال المزيد من السيارات التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز بالسيارات الكهربائية. وتريد إندونيسيا مثلا تسجيل 13 مليون دراجة نارية ومليوني سيارة كهربائية على الطريق بحلول2030. وهي تسجل اليوم أقل من 100 ألف.

ويمكن أن يُغرق التحول إلى السيارات الكهربائية جنوب شرق آسيا ببطاريات مستعملة بطاقة تبلغ 2166 جيغاوات في الساعة بحلول 2040. ويؤكد تقرير صادر عن معهد البحوث الاقتصادية لرابطة أمم جنوب شرق آسيا وشرق آسيا أن بإمكان هذا القدر من الطاقة تزويد أكثر من مليون أسرة بالكهرباء لمدة سنة.

وتصنف البطاريات المنتهية نفايات إلكترونية. وتكون خطرة في الغالب. وأمكن إعادة تدوير أقل من الربع من بين 62 مليون طن من النفايات الإلكترونية المنتجة عالميا في 2022. لكن معدلات إعادة تدوير النفايات الإلكترونية متدنية في مناطق من جنوب شرق آسيا.

وتنتج سنغافورة ما يقدر بنحو 60 ألف طن من النفايات الإلكترونية سنويا. وأشارت إيمي خور، الوزيرة الأولى لشؤون الاستدامة والبيئة، إلى أن الرسكلة لا تشمل سوى 6 في المئة. وفي الدولة الآن ثلاثة مرافق لإعادة التدوير قادرة على التعامل مع 11 ألف طن من النفايات الإلكترونية سنويا.

وقالت خور في افتتاح مصنع لرسكلة البطاريات العام الماضي “إن إعادة تدوير البطاريات تدعم أهداف سنغافورة لبناء اقتصاد دائري وتقليل كمية النفايات المرسلة إلى مكب النفايات الوحيد لدينا”. وأنتجت إندونيسيا مليوني طن من النفايات الإلكترونية في2021. لكن البيانات الرسمية أكدت أن الرسكلة لم تشمل سوى 17 في المئة.

وأنشأت الحكومة في 2021 شركة البطاريات الإندونيسية لإنتاج البطاريات وإعادة تدويرها وأصدرت هذا العام قواعد جديدة تنص على تقليل النفايات الإلكترونية وإدارتها. لكن المسار لا يزال غير واضح.

وقال عبدالغفار، مدير حملة التلوث والعدالة الحضرية في المنتدى الإندونيسي للبيئة المعيشية، “نفتقر حتى الآن إلى البنية التحتية، بما في ذلك نقاط التجميع وطرق النقل ومرافق المعالجة، للتعامل مع النفايات الإلكترونية والبطاريات. وتبرز لنا هذه الحقيقة أن النفايات الإلكترونية لا تحظى بالأولوية لدى الحكومة”.

◙ التحول إلى السيارات الكهربائية يمكن أن يُغرق جنوب شرق آسيا ببطاريات مستعملة بطاقة تبلغ 2166 جيغاوات في الساعة

ولم تتلق مؤسسة تومسون رويترز ردا على طلبات للتعليق من وزارة البيئة الإندونيسية. وتتخذ إندونيسيا خطوات لإعادة تدوير المزيد من البطاريات. لكنها زادت في الأثناء إنتاج النيكل إلى حوالي مليوني طن، أو 55 في المئة من إمدادات العالم خلال العام الماضي. ويُذكر أن البلاد تعد أكبر منتج لهذا المعدن في العالم.

ويقدر النشطاء أن تعدين النيكل تسبب في فقدان ما بين 187 ألف و378 ألف فدان من الغابات في إندونيسيا خلال العقدين الماضيين. وتعمل مصافي النيكل بفضل محطات الكهرباء التي تعتمد الفحم المخلف للغازات الدفيئة.

وقال ذو الفقار سانجاجي، الناشط في منتدى ستودي هالماهيرا غير الحكومي، إن لاستخراج خام النيكل ومعالجته “آثار كبيرة على البيئة وسبل عيش المجتمعات المحلية. لقد دُمّرت الغابات والمزارع والمناطق الساحلية بسبب أنشطة التعدين”.

ويرى بعض الخبراء أن إعادة تدوير البطاريات ليست حلا للجميع، حيث قد تخلق مجموعة جديدة من المخاطر البيئية والصحية. وقال إريك براسيتيو، الباحث في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، إن عملية إعادة التدوير الحالية تستهلك كمية كبيرة من الطاقة والمواد الكيميائية.

لكن من المقرر أن تعزز جهود رسكلة البطاريات العالمية السعة خمسة أضعاف بحلول 2030، مع كون 70 في المئة منها مخططا لها في الصين الرائدة في العالم على مستوى تصنيع بطاريات الليثيوم أيون. وأكد بحث أجرته شركة أبحاث واستشارات تخزين الطاقة الدائرية أن جل البطاريات المعدّة لإعادة التدوير على مستوى العالم تُرسكل بالفعل.

وقال جايدن غوه باعث “مؤسسة إيكونيلي” إن التحدي الرئيسي في جنوب شرق آسيا يكمن في جمع البطاريات المستهلكة في أماكن مثل إندونيسيا التي تحظر الواردات. وأضاف “نحتاج أيضا إلى أن تعمل الحكومة على توعية الجمهور وتثقيفه بشكل أفضل حول أهمية الرسكلة حتى نكون جاهزين للكهربة”.

إنقاذ المعادن المهمة من الخلايا المستهلكة

16